ثم قال{[50435]} تعالى : { إلا من تاب وآمن{[50436]} }[ 70 ] ، الآية وروي{[50437]} : أن هذه الآية نزلت{[50438]} في قوم من المشركين ، أرادوا الدخول في الإسلام ، وقد عملوا في الكفر أشياء من هذه الذنوب فخافوا ألا ينفعهم{[50439]} مع ما سلف من ذنوبهم . فنزلت{[50440]} هذه الآية ، ونزل : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم{[50441]} }{[50442]} الآية{[50443]} ، ونزلت : { إلا من تاب وآمن }[ 70 ] ، فهي مخصوصة فيمن أسلم ، وقد كان عمل{[50444]} هذه الكبائر في حال كفره ، ويدل{[50445]} على أن هذا الاستثناء في الكفار قوله{[50446]} { إلا من تاب وآمن } [ 70 ] ، فقرن الإيمان مع التوبة .
وقيل{[50447]} : هذه الآية منسوخة بالتي في النساء{[50448]} قاله زيد بن ثابت{[50449]} وذكر أن آية النساء التي{[50450]} نزلت بعد آية الفرقان بستة أشهر .
وقال الضحاك{[50451]} : بين السورتين ثماني حجج . وذكره تعالى للإيمان مع التوبة يدل على أنه محكم في الكفار ، وآية النساء إنما هي{[50452]} في المؤمنين : يقتلون المؤمنين فكلاهما محكم غير منسوخ في وجه النظر .
وعن{[50453]}ابن عباس أنه قال{[50454]} : قرأنا هذه الآية : { والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق }[ 68 ] ، الآية ، بسنتين حتى نزلت : { إلا من تاب وآمن وعمل صالحا }[ 70 ] ، الآية قال : فما علمت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرح بشيء فرحه بها ، وبسورة : { إنا فتحنا }{[50455]} .
ثم قال تعالى{[50456]} : { فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات }[ 70 ] ، قال{[50457]} ابن عباس{[50458]} : معناه : كانوا قبل إيمانهم على السيئات ، فرغب الله بهم{[50459]} عن ذلك ، فحولهم إلى الحسنات ، فأبدلهم الله{[50460]} مكان السيئات حسنات . أي : مكان عمل الحسنات .
وعن ابن عباس أنه قال{[50461]} : يبدل بكل{[50462]} مكان سيئة عملها حسنة يعملها في الدنيا .
وقيل{[50463]} معناه{[50464]} : أولئك يبدل الله قبائح أعمالهم في الشرك بمحاسن الأعمال في الإسلام فيبدله بالشرك إيمانا .
قال ابن جبير{[50465]} : نزلت في وحشي{[50466]}وأصحابه . قالوا : كيف لنا بالتوبة{[50467]} ، وقد عبدنا الأوثان وقتلنا{[50468]} المؤمنين ، ونكحنا المشركات ؟ فأنزل الله تعالى{[50469]} { إلا من تاب }[ 70 ] ، الآية6 .
فأبدلهم الله{[50470]} بعبادة الأوثان عبادة الله ، وبقتالهم المؤمنين : قتالهم المشركين ، وبنكاح المشركات نكاح المؤمنات .
وروي{[50471]} عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يعطى{[50472]} العبد كتابه بيمينه ، فيقرأ سيئاته ، ويقرأ الناس حسناته ثم يحول صحيفته ، فيحول الله سيئاته حسنات ، فيقرأ هو حسناته{[50473]} ويقرأ الناس من سيئاته حسنات ، فيقول الناس : ما كان لهذا العبد من سيئة ، قال : ثم يعرف بعمله ، ثم يغفر الله له .
وعن ابن عباس{[50474]} : أبدلوا بالشرك{[50475]} إيمانا ، وبالقتل إمساكا ، وبالزنا إحصانا .
وقال ابن المسيب : روى{[50476]}عطاء عن ابن عباس{[50477]} : تصير سيئاتهم حسنات لهم يوم القيامة .
وروى{[50478]} أبو ذر{[50479]} : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار ، وآخر أهل الجنة دخولا الجنة . ثم قال : يؤتى برجل يوم القيامة فيقال{[50480]} : نحُّوا كبار ذنوبه ، وسلوه{[50481]} عن صغارها ، قال{[50482]} : فيقال له : عملت كذا في{[50483]} يوم كذا ، و{[50484]} عملت كذا في{[50485]} يوم كذا ، قال : فيقول : يا رب لقد عملت أشياء ما أراها{[50486]} هنا ، قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه . قال : فيقال له : فإن لك مكان كل سيئة حسنة{[50487]} .
قال{[50488]} الحسن{[50489]} : قوم يقولون التبديل في الآخرة يوم القيامة ، وليس كذلك إنما التبديل{[50490]} في الدنيا يبدلهم الله إيمانا من الشرك ، وإخلاصا{[50491]} من الشرك ، وإحصانا من الفجور .
قال الزجاج{[50492]} : ليس يجعل مكان{[50493]} السيئة حسنة ، ولكن يجعل مكان السيئة التوبة .
واختار الطبري{[50494]} : أن يكون المعنى : يبدل الله أعمالهم في الشرك حسنات في الإسلام بنقلهم عن{[50495]} ما / يسخطه إلى ما يرضاه .
ثم قال تعالى{[50496]} : } وكان الله غفورا }[ 70 ] ، أي : ذا غفر عن ذنوب من{[50497]} تاب من عباده ، وراجع طاعته ، وذا رحمة به أن يعاقبه على ذنوبه بعد توبته منها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.