قوله تعالى : { قل } يا محمد لكفار مكة ، { ادعوا الذين زعمتم } أنهم آلهة ، { من دون الله } وفي الآية حذف ، أي : ادعوهم ليكشفوا الضر الذي نزل بكم في سني الجوع ، ثم وصفها فقال : { لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض } من خير وشر ونفع وضر { وما لهم } أي : للآلهة ، { فيهما } في السموات والأرض ، { من شرك } من شركة ، { وما له } أي : وما لله ، { منهم من ظهير } عون .
{ 22 - 23 } { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ }
أي : { قُلْ } يا أيها الرسول ، للمشركين باللّه غيره من المخلوقات ، التي لا تنفع ولا تضر ، ملزما لهم بعجزها ، ومبينا لهم بطلان عبادتها : { ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ } أي : زعمتموهم شركاء للّه ، إن كان دعاؤكم ينفع ، فإنهم قد توفرت فيهم أسباب العجز ، وعدم إجابة الدعاء من كل وجه ، فإنهم ليس لهم أدنى ملك ف { لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ } على وجه الاستقلال ، ولا على وجه الاشتراك ، ولهذا قال : { وَمَا لَهُمْ } أي : لتلك الآلهة الذين زعمتم { فِيهِمَا } أي : في السماوات والأرض ، { مِنْ شِرْكٍ } أي : لا شرك قليل ولا كثير ، فليس لهم ملك ، ولا شركة ملك .
بقي أن يقال : ومع ذلك ، فقد يكونون أعوانا للمالك ، ووزراء له ، فدعاؤهم يكون نافعا ، لأنهم - بسبب حاجة الملك إليهم - يقضون حوائج من تعلق بهم ، فنفى تعالى هذه المرتبة فقال : { وَمَا لَهُ } أي : للّه تعالى الواحد القهار { مِنْهُمْ } أي : من هؤلاء المعبودين { مِنْ ظَهِيرٍ } أي : معاون ووزير يساعده على الملك والتدبير .
بَيَّن{[24302]} تعالى أنه الإله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لا نظير له ولا شريك له ، بل هو المستقل بالأمر وحده ، من غير مشارك ولا منازع ولا معارض ، فقال : { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ } أي : من الآلهة التي عبدت من دونه { لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ } ، كما قال تبارك وتعالى : { وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ } [ فاطر : 13 ] .
وقوله : { وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ } أي : لا يملكون شيئا استقلالا ولا على سبيل الشركة ، { وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ } أي : وليس لله من{[24303]} هذه الأنداد من ظهير يستظهر به في الأمور ، بل الخلق كلهم فقراء إليه ، عبيد لديه .
قال قتادة في قوله : { وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ } ، من عون يعينه بشيء .
{ قل } للمشركين . { ادعوا الذين زعمتم } أي زعمتموهم آلهة ، وهما مفعولا زعم حذف الأول لطول الموصول بصلته والثاني لقيام صفته مقامه ، ولا يجوز أن يكون هو مفعوله الثاني لأنه لا يلتئم مع الضمير كلاما ولا { لا يملكون } لأنهم لا يزعمونه . { من دون الله } والمعنى ادعوهم فيما يهمكم من جلب نفع أو دفع ضر لعلهم يستجيبون لكم إن صح دعواكم ، ثم أجاب عنهم إشعارا بتعين الجواب وأنه لا يقبل المكابرة فقال : { لا يملكون مثقال ذرة } من خير أو شر . { في السماوات ولا في الأرض } في أمر ما وذكرهما للعموم العرفي ، أو لأن آلهتهم بعضها سماوية كالملائكة والكواكب وبعضها أرضية كالأصنام ، أو لان الأسباب القريبة للشر والخير سماوية وأرضية والجملة استئناف لبيان حالهم . { وما لهم فيها من شرك } من شركة لا خلقا ولا ملكا . { وما لهم منهم من ظهير } يعينه على تدبير أمرهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.