معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ بِفَٰتِنِينَ} (162)

قوله تعالى : { ما أنتم عليه } على ما تعبدون ، { بفاتنين } بمضلين أحداً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ بِفَٰتِنِينَ} (162)

لا تقدرون أن تفتنوا وتضلوا أحدا

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ بِفَٰتِنِينَ} (162)

يقول تعالى مخاطبا للمشركين { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ . إِلا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ } أي : ما ينقاد لمقالكم وما أنتم عليه من الضلالة والعبادة الباطلة من هو أضل منكم ممن ذُري للنار . { لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ } [ الأعراف : 179 ] . فهذا الضرب من الناس هو الذي ينقاد لدين الشرك والكفر والضلالة ، كما قال تعالى : { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } [ الذاريات : 8 ، 9 ] أي : إنما يضل به من هو مأفوك ومبطل .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ بِفَٰتِنِينَ} (162)

يقول تعالى ذكره : فإنّكُمْ أيها المشركون بالله وَما تَعْبُدُونَ من الاَلهة والأوثان ما أنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ يقول : ما أنتم على ما تعبدون من دون الله بفاتنين : أي بمضِلّينَ أحدا إلاّ مَنْ هُوَ صالِ الجَحِيمِ يقول : إلا أحدا سبق في علمي أنه صال الجحيم .

وقد قيل : إن معنى عَلَيْهِ في قوله : { ما أنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ } بمعنى به . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { فإنّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ ما أنْتُمْ عَلَيْهِ بفاتِنِينَ } يقول : لا تضلون أنتم ، ولا أضلّ منكم إلا من قد قضيت أنه صالِ الجحيم .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { ما أنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ إلاّ مَنْ هُوَ صَالِ الجَحِيمِ } يقول : ما أنتم بفاتنِين على أوثانكم أحدا ، إلا من قد سبق له أنه صالِ الجحيم .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن خالد ، قال : قلت للحسن ، قوله : { ما أنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ إلاّ مَنْ هُوَ صَالِ الجَحِيمِ } إلا من أوجب الله عليه أن يَصْلى الجحيم .

حدثنا عليّ بن سهل ، قال : حدثنا زيد بن أبي الزرقاء ، عن حماد بن سلمة ، عن حميد ، قال : سألت الحسن ، عن قول الله : { ما أنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنينَ إلاّ مَنْ هُوَ صَالِ الجَحِيمِ } : قال : ما أنتم عليه بمضلّين إلا من كان في علم الله أنه سيصْلَى الجحيم .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم : { ما أنْتُمْ عَلَيْهِ بفاتِنِينَ إلا مَنْ هُوَ صَالِ الجَحِيمِ } : إلا من قدر عليه أنه يَصْلَى الجحيم .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن العشرة الذين دخلوا على عمر بن عبد العزيز ، وكانوا متكلمين كلهم ، فتكلموا ، ثم إن عمر بن عبد العزيز تكلم بشيء ، فظننا أنه تكلم بشيء ردّ به ما كان في أيدينا ، فقال لنا : هل تعرفون تفسير هذه الاَية : { فإنّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ ما أنْتُمْ عَلَيْهِ بفاتِنينَ إلاّ مَنْ هُوَ صَالِ الجَحِيمِ } قال : إنكم والاَلهة التي تعبدونها لستم بالذي تفتنون عليها إلا من قَضَيْت عليه أنه يصلى الجحيم .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم إلاّ مَنْ هُوَ صَالِ الجَحِيمِ قال : ما أنتم بمضلين إلا من كتب عليه أنه يصلى الجحيم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : { فإنّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ } حتى بلغ : { صالِ الجَحِيمِ } يقول : ما أنتم بمضلين أحدا من عبادي بباطلكم هذا ، إلا من تولاّكم بعمل النار .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط عن السديّ ما أنْتُمْ عَلَيْهِ بفاتِنِينَ بمضلين إلاّ مَنْ هُوَ صَالِ الجَحِيمِ إلا من كتب الله أنه يصلى الجحيم .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { ما أنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ إلاّ مَنْ هُوَ صَالٍ الجَحِيمٍ } يقول : لا تضلون بآلهتكم أحدا إلا من سبقت له الشقاوة ، ومن هو صال الجحيم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فإنّكُمْ وَما تَعْبُدونَ ما أنْتُمْ عَلَيْهِ بفاتِنِينَ إلاّ مَنْ هُوَ صَالِ الجَحِيمِ يقول : لا تفتنون به أحدا ، ولا تضلونه ، إلا من قضى الله أنه صال الجحيم ، إلا من قد قضى أنه من أهل النار .

وقيل : بفاتِنِينَ من فتنت أفتن ، وذلك لغة أهل الحجاز ، وأما أهل نجد فإنهم يقولون : أفتنته فأنا أفتنه . وقد ذُكر عن الحسن أنه قرأ : «إلاّ مَنْ هُوَ صَالُ الجَحِيمِ » برفع اللام من «صال » ، فإن كان أراد بذلك الجمع كما قال الشاعر :

إذَا ما حاتِمٌ وُجِدَ ابْنَ عَمّي *** مَجْدَنا مِنْ تَكَلّمُ أجْمَعِينا

فقال : أجمعينا ، ولم يقل : تكلموا ، وكما يقال في الرجال : من هو إخوتك ، يذهب بهو إلى الاسم المجهول ويخرج فعله على الجمع ، فذلك وجه وإن كان غيره أفصح منه وإن كان أراد بذلك واحدا فهو عند أهل العربية لحن ، لأنه لحن عندهم أن يقال : هذا رامٌ وقاضٌ ، إلا أن يكون سمع في ذلك من العرب لغة مقلوبة ، مثل قولهم : شاكُ السلاح ، وشاكي السلاح ، وعاث وعثا وعاق وعقا ، فيكون لغة ، ولم أسمع أحدا يذكر سماع ذلك من العرب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ بِفَٰتِنِينَ} (162)

وقوله تعالى : { فإنكم وما تعبدون } بمعنى قل لهم يا محمد إنكم وإصنامكم ما أنتم بمضلين أحداً بسببها . وعليها الأمر سبق عليه القضاء وضمه القدر ، بأنه يصلى الجحيم في الآخرة ، وليس عليكم إضلال من هدى الله تعالى ، وقالت فرقة { عليه } ، بمعنى به ، و «الفاتن » المضل في هذا الموضع وكذلك فسر ابن عباس والحسن بن أبي الحسن ، وقال ابن الزبير على المنبر : إن الله هو الهادي والفاتن ، و { من } في موضع نصب { بفاتنين } .