معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ أَلۡقُواْۖ فَإِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِيُّهُمۡ يُخَيَّلُ إِلَيۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ} (66)

قوله تعالى : { قال } موسى { بل ألقوا } أنتم أولاً { فإذا حبالهم } وفيه إضمار أي : فألقوا حبالهم { وعصيهم } جمع العصا { يخيل إليه } قرأ ابن عامر ، و يعقوب ( تخيل ) بالتاء رداً إلى الحبال والعصي ، وقرأ الآخرون : بالياء ردوه إلى الكيد والسحر { من سحرهم أنها تسعى }حتى تظن أنها تسعى أي : تمشي وذلك أنهم كانوا لطخوا حبالهم وعصيهم بالزئبق ، فلما أصابه حر الشمس انهمست واهتزت ، فظن موسى أنها تقصده . وفي القصة أنهم لما ألقوا الحبال والعصي أخذوا أعين الناس ، فرأى موسى والقوم كأن الأرض امتلأت حيات وكانت قد أخذت ميلاً من كل جانب ، ورأوا أنها تسعى .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ أَلۡقُواْۖ فَإِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِيُّهُمۡ يُخَيَّلُ إِلَيۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ} (66)

فقال لهم موسى : { بَلْ أَلْقُوا } فألقوا حبالهم وعصيهم ، { فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ } أي : إلى موسى { مِنْ سِحْرِهِمْ } البليغ { أَنَّهَا تَسْعَى } أي : أنها حيات تسعى فلما خيل إلى موسى ذلك .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ أَلۡقُواْۖ فَإِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِيُّهُمۡ يُخَيَّلُ إِلَيۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ} (66)

يقول تعالى مخبرًا عن السحرة حين توافقوا هم وموسى ، عليه السلام ، أنهم قالوا لموسى : { إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ } أي : أنت أولا { إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا } أي : أنتم أولا ليُرى ماذا تصنعون من السحر ، وليظهر للناس جلية أمرهم ، { فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى } . وفي الآية الأخرى أنهم لما ألقوا { وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ } [ الشعراء : 44 ] وقال تعالى : { سَحَرُوا{[19417]} أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } [ الأعراف : 116 ] ، وقال هاهنا { فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى } .

وذلك أنهم أودعوها من الزئبق ما كانت تتحرك بسببه وتضطرب وتميد ، بحيث يخيل للناظر{[19418]} أنها تسعى باختيارها ، وإنما كانت حيلة ، وكانوا جمًّا غفيرًا وجمعًا كبيرًا{[19419]} فألقى كل منهم عصا وحبلا حتى صار الوادي ملآن حيات يركب بعضها بعضًا .


[19417]:في ف: "فسحروا".
[19418]:في ف، أ: "للناظرين".
[19419]:في ف، أ: "كثيرا".

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ أَلۡقُواْۖ فَإِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِيُّهُمۡ يُخَيَّلُ إِلَيۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ} (66)

وقوله : " قالَ بَلْ ألْقُوا " يقول تعالى ذكره : قال موسى للسحرة : بل ألقوا أنتم ما معكم قبلي . وقوله : " فإذَا حِبالُهُمْ وَعصِيّهُمْ يُخَيّلُ إلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أنّهَا تَسْعَى " ، وفي هذا الكلام متروك ، وهو : فألقوا ما معهم من الحبال والعصيّ ، فإذا حبالهم ، ترك ذكره استغناء بدلالة الكلام الذي ذكر عليه عنه . وذُكر أن السحرة سحروا عين موسى وأعين الناس قبل أن يلقوا حبالهم وعصيهم ، فخيل حينئذٍ إلى موسى أنها تسعى ، كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : حُدثت عن وهب بن منبه ، قال : قالوا يا موسى ، " إمّا أنْ تُلْقِيَ وَإمّا أنْ نَكُونَ أوّلَ مَنْ ألْقَى قالَ بَلْ ألْقُوا " فكان أوّل ما اختطفوا بسحرهم بصر موسى وبصر فرعون ، ثم أبصار الناس بعد ، ثم ألقى كلّ رجل منهم ما في يده من العصي والحبال ، فإذا هي حيات كأمثال الحبال ، قد ملأت الوادي يركب بعضها بعضا .

واختلفت القراءة في قراءة قوله : " يُخَيّلُ إلَيْهِ " فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار يُخَيّلُ إلَيْهِ بالياء بمعنى : يخيل إليهم سعيها . وإذا قرىء ذلك كذلك ، كانت «أن » في موضع رفع . ورُوي عن الحسن البصري أنه كان يقرؤه : «تُخَيّلُ » بالتاء ، بمعنى : تخيل حبالهم وعصيهم بأنها تسعى . ومن قرأ ذلك كذلك ، كانت «أن » في موضع نصب لتعلق تخيل بها . وقد ذُكر عن بعضهم أنه كان يقرؤه : «تُخَيّلُ إلَيْهِ » بمعنى : تتخيل إليه . وإذا قرىء ذلك كذلك أيضا ف«أن » في موضع نصب بمعنى : تتخيل بالسعي لهم .

والقراءة التي لا يجوز عندي في ذلك غيرها يُخَيّلُ بالياء ، لإجماع الحجة من القراء عليه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ أَلۡقُواْۖ فَإِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِيُّهُمۡ يُخَيَّلُ إِلَيۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ} (66)

{ قال بل ألقوا } مقابلة أدب بأدب وعدم مبالاة بسحرهم ، وإسعافا إلى ما أو هموا من الميل إلى البدء بذكر الأول في شقهم وتغيير النظم إلى وجه أبلغ ، ولأن يبرزوا ما معهم ويستنفذوا أقصى وسعهم ثم يظهر الله سلطانه فيقذف بالحق على الباطل فيدمغه . { فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى } أي فألقوا فإذا حبالهم وعصيهم ، وهي للمفاجأة والتحقيق أنها أيضا ظرفية تستدعي متعلقا ينصبها وجملة تضاف إليها لكنها خصت بأن يكون المتعلق فعل المفاجأة والجملة ابتدائية والمعنى : فألقوا ففاجأ موسى عليه الصلاة والسلام وقت تخييل سعي حبالهم وعصيهم من سحرهم ، وذلك بأنهم لطخوها بالزئبق فلما ضربت عليها الشمس اضطربت فخيل إليها أنها تتحرك . وقرأ ابن عامر برواية ابن ذكوان وروح " تخيل " بالتاء على إسناده إلى ضمير الحبال ، والعصي وإبدال أنها { تسعى } منه بدل الاشتمال ، وقرئ { يخيل } بالياء على إسناده إلى الله تعالى ، وتخيل بمعنى " تخيل " .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ أَلۡقُواْۖ فَإِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِيُّهُمۡ يُخَيَّلُ إِلَيۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ} (66)

وقوله { فإذا } هي للمفاجأة كما تقول خرجت فإذا زيد ، وهي التي تليها الأسماء ، وقرأت فرقة «عِصيهم » بكسر العين ، وقرأت فرقة «عُصيهم » بضمها ، وقرأت فرقة «يُخيل » على بناء الفعل للمفعول فقوله { أنها } في موضع رفع على ما لم يسم فاعله ، وقرأ الحسن والثقفي «تُخِيل » بضم التاء المنقوطة وكسر الياء وإسناد الفعل إلى الحبال والعصي ، فقوله { أنها } مفعول من أجله والظاهر من الآيات والقصص في كتب المفسرين أن الحبال والعصي كانت تنتقل بحبل السحر وبدس الأجسام الثقيلة المياعة فيها وكان تحركها يشبه تحرك الذي له إرادة كالحيوان ، وهو السعي فإنه لا يوصف بالسعي إلا من يمشي من الحيوان ، وذهب قوم إلى أنها ما لم تكن تتحرك لكنهم سحروا أعين الناس وكان الناظر يخيل إليه أنها تتحرك وتنتقل ع وهذا يحتمل والله أعلم أي ذلك كان .