الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{قَالَ بَلۡ أَلۡقُواْۖ فَإِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِيُّهُمۡ يُخَيَّلُ إِلَيۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ} (66)

" قال بل ألقوا فإذا حبالهم " في الكلام حذف ، أي فألقوا ، دل عليه المعنى . وقرأ الحسن " وعصيهم " بضم العين . قال هارون القارئ : لغة بني تميم " وعصيتم " وبها يأخذ الحسن . الباقون بالكسر اتباعا لكسرة الصاد . ونحوه دُلِيّ ودِلِيّ وقُسِي وقِسِي . " يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى " ، وقرأ ابن عباس وأبو حيوة وابن ذكوان وروح عن يعقوب " تخيل " بالتاء ، وردوه إلى العصي والحبال إذ هي مؤنثة . وذلك أنهم لطخوا العصي بالزئبق ، فلما أصابها حر الشمس ارتهشت واهتزت . قال الكلبي : خيل إلى موسى أن الأرض حيات وأنها تسعى على بطنها . وقرئ " تخيل " بمعنى تتخيل وطريقه طريق " تخيل " ومن قرأ " يخيل " بالياء رده إلى الكيد . وقرئ " نخيل " بالنون على أن الله هو المخيل للمحنة والابتلاء . وقيل : الفاعل " أنها تسعى " ف " أن " في موضع رفع ؛ أي يخيل إليه سعيها ، قاله الزجاج . وزعم الفراء أن موضعها موضع نصب ، أي بأنها ثم حذف الباء . والمعنى في الوجه الأول : تشبه إليه من سحرهم وكيدهم حتى ظن أنها تسعى . وقال الزجاج : ومن قرأ بالتاء جعل " أن " في موضع نصب أي تخيل إليه ذات سعي ، قال : ويجوز أن تكون في موضع رفع بدلا من الضمير في " تخيل " وهو عائد على الحبال والعصي ، والبدل فيه بدل اشتمال . و " تسعى " معناه تمشي .