معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡۖ هَٰذَا ذِكۡرُ مَن مَّعِيَ وَذِكۡرُ مَن قَبۡلِيۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡحَقَّۖ فَهُم مُّعۡرِضُونَ} (24)

قوله تعالى : { أم اتخذوا من دونه آلهةً } استفهام إنكار وتوبيخ ، { قل هاتوا برهانكم } يعني : حجتكم على ذلك ، ثم قال مستأنفاً ، { هذا } يعني القرآن . { ذكر من معي } فيه خبر من معي على ديني ومن يتبعني إلى يوم القيامة بما لهم من الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية . { وذكر } خبر ، { من قبلي } من الأمم السالفة ما فعل بهم في الدنيا وما يفعل بهم في الآخرة . وعن ابن عباس في رواية عطاء : ذكر من معي : القرآن ، وذكر من قبلي : التوراة والإنجيل ، ومعناه : راجعوا القرآن والتوراة والإنجيل وسائر الكتب هل تجدون فيها أن الله اتخذ ولداً ؟

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡۖ هَٰذَا ذِكۡرُ مَن مَّعِيَ وَذِكۡرُ مَن قَبۡلِيۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡحَقَّۖ فَهُم مُّعۡرِضُونَ} (24)

ثم رجع إلى تهجين حال المشركين ، وأنهم اتخذوا من دونه آلهة فقل لهم موبخا ومقرعا : { أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ْ } أي : حجتكم ودليلكم على صحة ما ذهبتم إليه ، ولن يجدوا لذلك سبيلا ، بل قد قامت الأدلة القطعية على بطلانه ، ولهذا قال : { هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ْ } أي : قد اتفقت الكتب والشرائع على صحة ما قلت لكم ، من إبطال الشرك ، فهذا كتاب الله الذي فيه ذكر كل شيء ، بأدلته العقلية والنقلية ، وهذه الكتب السابقة كلها ، براهين وأدلة لما قلت .

ولما علم أنهم قامت عليهم الحجة والبرهان على بطلان ما ذهبوا إليه ، علم أنه لا برهان لهم ، لأن البرهان القاطع ، يجزم أنه لا معارض له ، وإلا لم يكن قطعيا ، وإن وجد في معارضات ، فإنها شبه لا تغني من الحق شيئا .

وقوله : { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ْ } أي : وإنما أقاموا على ما هم عليه ، تقليدا لأسلافهم يجادلون بغير علم ولا هدى ، وليس عدم علمهم بالحق لخفائه وغموضه ، وإنما ذلك ، لإعراضهم عنه ، وإلا فلو التفتوا إليه أدنى التفات ، لتبين لهم الحق من الباطل تبينا واضحا جليا ولهذا قال : { فَهُمْ مُعْرِضُونَ ْ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡۖ هَٰذَا ذِكۡرُ مَن مَّعِيَ وَذِكۡرُ مَن قَبۡلِيۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡحَقَّۖ فَهُم مُّعۡرِضُونَ} (24)

يقول تعالى : بل { اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ } يا محمد : { هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ } أي : دليلكم على ما تقولون ، { هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ } يعني : القرآن ، { وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي } يعني : الكتب المتقدمة على خلاف ما تقولون وتزعمون ، فكل كتاب أنزل على كل نبي أرسل ، ناطق بأنه لا إله إلا الله ، ولكن أنتم أيها المشركون لا تعلمون الحق ، فأنتم معرضون عنه ؛ ولهذا قال : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا يُوحَى{[19610]} إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ } ، كما قال : { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } [ الزخرف : 45 ] ،

وقال : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } [ النحل : 36 ] ، فكل نبي بعثه الله يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، والفطرة شاهدة بذلك أيضا ، والمشركون لا برهان لهم ، وحجتهم داحضة عند ربهم ، وعليهم غضب ، ولهم عذاب شديد


[19610]:- في ف ، أ : "نوحي".