الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡۖ هَٰذَا ذِكۡرُ مَن مَّعِيَ وَذِكۡرُ مَن قَبۡلِيۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡحَقَّۖ فَهُم مُّعۡرِضُونَ} (24)

قوله تعالى ذكره : { أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم }[ 24 ] إلى قوله : { كل شيء حتى أفلا يومنون }[ 30 ] .

المعنى : اتخذ هؤلاء المشركون من دون الله آلهة تنفع وتضر ، وتحيي وتميت . قل لهم يا محمد هاتوا برهانكم إن كنتم تزعمون أنكم محقون في أقوالكم{[45856]} أي : هاتوا حجة ودليلا على صدقكم .

وقيل{[45857]} : معناه : بل اتخذوا آلهة . وهو بعيد لقوله : ( هم ينتشرون ) لأنه يصير أنه أوجب{[45858]} ذلك لهم . وذلك لا يجوز .

ثم قال : { هذا ذكر من معي وذكر من قبلي } ، أي : هذا الذي جئتكم{[45859]} به من القرآن خبر من معي مما{[45860]} لهم من ثواب الله على إيمانهم ، وما عليهم من عقاب الله على معصيتهم إياه ، وكفرهم به . ( وذكر من قبلي ) من الأمم التي سلفت قبلي . أي خبرهم ، وما فعل الله بهم في الدنيا ، وما فاعل بهم في الآخرة .

قال قتادة : ( ذكر من معي ) القرآن فيه الحلال والحرام . ( وذكر من قبلي ) ذكر أعمال الأمم السالفة وما صنع الله بهم{[45861]} ، وما هو صانع بهم وإلى ما صاروا{[45862]} .

وقال ابن جريج : معناه : هذا حديث من معي ، وحديث من قبلي{[45863]} .

وقيل{[45864]} : المعنى : ( وذكر من قبلي ) يعني الكتب المتقدمة . أي : هذا القرآن وهذه الكتب المتقدمة لا يوجد في شيء منها . أن الله اتخذ ولدا ، ولا كان{[45865]} معه إله . فالمعنى على هذا أنه جواب ورد لقوله : { أم اتخذوا من دونه آلهة } .

وقوله : { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } أي : هذا ذكر من معي وهو القرآن وذكر من قبلي وهو التوراة والإنجيل هل فيهما أن العبادة للآلهة أو فيهما أن الله تعالى أذن لأحد أن يتخذ إلها من دونه . وهل فيهما إلا أن الله إله واحد . ودل على ذلك كله أيضا قوله بعد ذلك . { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا يوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } .

وقرأ يحيى بن يعمر{[45866]} ( هذا ذكر ) من معي ( وذكر ) من قبلي بالتنوين وكسر الميم من ( مِن ) وتقديره : هذا ذكر مما أنزل إلي وذكر مما{[45867]} قبلي .

وأنكر أبو حاتم هذه القراءة ، ولم يعرف لها وجها{[45868]} .

ثم قال : { بل أكثرهم لا يعلمون الحق } أي : لا يعلمون الصواب من الخطأ . فهم معرضون عن الحق جهلا به .

وقال قتادة : معناه : فهم{[45869]} معرضون عن كتاب الله{[45870]} .

وقرأ الحسن : ( الحق ) بالرفع ، على معنى{[45871]} : هذا الحق ، أو هو الحق{[45872]} .


[45856]:ز: قولكم.
[45857]:انظر: فتح القدير 3/402.
[45858]:ز: واجب.
[45859]:ز: جئتم. (تحريف).
[45860]:ز: بما.
[45861]:قوله: (وما هو بفاعل... بهم) ساقط من ز.
[45862]:انظر: جامع البيان 17/15 وتفسير القرطبي 11/280 والدر المنثور 4/316.
[45863]:انظر: جامع البيان 17/15.
[45864]:انظر: مجمع البيان 4/19.
[45865]:ز: جاز.
[45866]:انظر: مختصر ابن خالويه: 94 والمحتسب 2/61.
[45867]:ز: من.
[45868]:انظر: إعراب القرآن للنحاس 2/316.
[45869]:ز: هم.
[45870]:انظر: جامع البيان 17/15 والدر المنثور 4/316.
[45871]:معنى سقطت من ز.
[45872]:انظر: إعراب القرآن للنحاس 2/370 والمحتسب 2/61.