{ أَمِ اتخذوا مِن دُونِهِ آلِهَةً } أي بل اتخذوا ، وفيه إضراب وانتقال من إظهار بطلان كونها آلهة بالبرهان السابق ، إلى إظهار بطلان اتخاذها آلهة مع توبيخهم بطلب البرهان منهم ، ولهذا قال : { قُلْ هَاتُوا برهانكم } على دعوى أنها آلهة ، أو على جواز اتخاذ آلهة سوى الله ، ولا سبيل لهم إلى شيء من ذلك ، لا من عقل ولا نقل ، لأن دليل العقل قد مرّ بيانه ، وأما دليل النقل فقد أشار إليه بقوله : { هذا ذِكْرُ مَن مَعِي وَذِكْرُ مَن قَبْلِي } أي هذا الوحي الوارد في شأن التوحيد المتضمن للبرهان القاطع ذكر أمتي وذكر الأمم السالفة وقد أقمته عليكم وأوضحته لكم ، فأقيموا أنتم برهانكم . وقيل : المعنى هذا القرآن وهذه الكتب التي أنزلت قبلي فانظروا : هل في واحد منها أن الله أمر باتخاذ إله سواه . قال الزجاج : قيل لهم : هاتوا برهانكم بأن رسولاً من الرسل أنبأ أمته بأن لهم إلها غير الله ، فهل ذكر من معي وذكر من قبلي إلا توحيد الله ؟ وقيل معنى الكلام : الوعيد والتهديد ، أي افعلوا ما شئتم فعن قريب ينكشف الغطاء . وحكى أبو حاتم : أن يحيى بن يعمر وطلحة بن مصرف قرآ : «هذا ذكر من معي وذكر من قبلي » بالتنوين وكسر الميم ، وزعم أنه لا وجه لهذه القراءة . وقال الزجاج في توجيه هذه القراءة : إن المعنى : هذا ذكر مما أنزل إليّ ومما هو معي وذكر من قبلي . وقيل : ذكر كائن من قبلي ، أي جئت بما جاءت به الأنبياء من قبلي . ثم لما توجهت الحجة عليهم ذمهم بالجهل بمواضع الحق فقال : { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الحق } وهذا إضراب من جهته سبحانه وانتقال من تبكيتهم بمطالبتهم بالبرهان إلى بيان أنه لا يؤثر فيهم إقامة البرهان ، لكونهم جاهلين للحق لا يميزون بينه وبين الباطل . وقرأ ابن محيصن والحسن : «الحق » بالرفع على معنى هذا الحق ، أو هو الحق ، وجملة : { فَهُمْ مُعْرِضُونَ } تعليل لما قبله من كون أكثرهم لا يعلمون أي فهم لأجل هذا الجهل المستولي على أكثرهم معرضون عن قبول الحق مستمرّون على الإعراض عن التوحيد واتباع الرسول ، فلا يتأملون حجة ، ولا يتدبرون في برهان ، ولا يتفكرون في دليل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.