معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

قوله تعالى : { فتولى } أي : أعرض وأدبر عن الإيمان ، { بركنه } أي : بجمعه وجنوده الذين كانوا يتقوى بهم ، كالركن الذي يقوى به البنيان ، نظيره قوله تعالى : { وآوي إلى ركن شديد }( هود-80 ) ، { وقال ساحر أو مجنون } قال أبو عبيدة : أو بمعنى الواو .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

فتولى فرعون { بِرُكْنِهِ } أي : أعرض بجانبه عن الحق ، ولم يلتفت إليه ، وقدح فيه أعظم القدح فقالوا : { سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } أي : إن موسى ، لا يخلو ، إما أن يكون أتى به شعبذة{[860]}  ليس من الحق في شيء ، وإما أن يكون مجنونًا ، لا يؤخذ بما صدر منه ، لعدم عقله .

هذا ، وقد علموا ، خصوصًا فرعون ، أن موسى صادق ، كما قال تعالى : { وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ [ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ] } وقال موسى لفرعون : { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [ بَصَائِرَ } الآية ] ،


[860]:- في ب: إما أن يكون ما أتي به سحرًا وشعبذة.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

ولكن فرعون تولى بركنه ، وازور بجانبه عن الحق الواضح والبرهان القاطع ؛ وقال عن موسى النبي الذي كشف له عن آيات الله الخوارق : ( ساحر أو مجنون ) . . مما يقطع بأن الآيات والخوارق لا تهدي قلبا لم يتأهب للهدى ؛ ولا تقطع لسانا يصر على الباطل ويفتري .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

والتولي حقيقته : الانصراف عن المكان . والركن حقيقته : ما يعتمد عليه من بناء ونحوه ، ويسمى الجسدُ ركناً لأنه عماد عمل الإِنسان .

قوله : { فتولى بركنه } تمثيل لهيئة رفضه دعوة موسى بهيئة المنصرف عن شخص . وبإيرادِ قوله : { بركنه } تَمَّ التمثيل ولولاه لكان قوله : { تولى } مجرد استعارة .

والباء للملابسة ، أي ملابساً ركنه كما في قوله : { أعرض ونأى بجانبه } [ الإسراء : 83 ] .

والمليم : الذي يجعل غيره لائماً عليه ، أي وهو مذنب ذنباً يلومه الله عليه ، أي يؤاخذه به . والمعنى : أنه مستوجب العقاب كما قال : { فلا تلوموني ولوموا أنفسكم } [ إبراهيم : 22 ] .

والمعنى : أن في قصة موسى وفرعون آيةً للذين يخافون العذاب الأليم فيجتنبون مثل أسباب ما حل بفرعون وقومه من العذاب وهي الأسباب التي ظهرت في مكابرة فرعون عن تصديق الرسول الذي أرسل إليه ، وأن الذين لا يخافون العذاب لا يؤمنون بالبعث والجزاء لا يتعظون بذلك لأنهم لا يصدقون بالنواميس الإِلهية ولا يتدبرون في دعوة أهل الحق فهم لا يزالون مُعرضين ساخرين عن دعوة رسولهم متكبرين عليه ، مُكابرين في دلائل صدقه ، فيوشك أن يحل بهم من مثل ما حلّ بفرعون وقومه ، لأن ما جاز على المثل يجوز على المماثل ، وقد كان المسلمون يقولون : إن أبا جهل فِرعون هذه الأمة .