روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

{ فتولى بِرُكْنِهِ } فأعرض عن الإيمان بموسى عليه السلام على أن ركنه جانب بدنه وعطفه ، والتولي به كناية عن الإعراض ، والباء للتعدية لأن معناه ثني عطفه ، أو للملابسة ، وقال قتادة : تولى بقومه على أن الركن بمعنى القوم لأنه يركن إليهم ويتقوى بهم ، والباء للمصاحبة أو الملابسة وكونها للسببية غير وجيه ، وقيل : تولى بقوته وسلطانه ، والركن يستعار للقوة كما قال الراغب وقرئ بركنه بضم الكاف اتباعاً للراء { وَقَالَ ساحر } أي هو ساحر { أَوْ مَجْنُونٌ } كان اللعين جعل ما ظهر على يديه عليه السلام من الخوارق العجيبة منسوبة إلى الجن وتردد في أنه حصل باختياره فيكون سحراً ، أو بغير اختياره فيكون جنوناً ، وهذا مبني على زعمه الفاسد وإلا فالسحر ليس من الجن كما بين في محله فأو للشك ، وقيل : للإبهام ، وقال أبو عبيدة : هي بمعنى الواو لأن اللعين قال الأمرين قال : { إِنَّ هذا لساحر عَلِيمٌ } [ الشعراء : 34 ] وقال : { إِنَّ رَسُولَكُمُ الذي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } [ الشعراء : 27 ] وأنت تعلم أن اللعين يتلون تلون الحرباء فلا ضرورة تدعو إلى جعلها بمعنى الواو .