السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

{ فتولى } أي : كلف نفسه الإعراض عنها بعدما دعاه علمها إلى الإقبال إليها وأشار إلى قواه بقوله تعالى : { بركنه } أي : بسبب ما يركن إليه من القوّة في نفسه وبأعوانه وجنوده ، لأنهم له كالركن وقيل : بجميع بدنه كناية عن المبالغة في الإعراض { وقال } معلماً بعجزه عما أتاه به وهو لا يشعر { ساحر } ثم ناقض كمناقضتكم فقال بجهله عما يلزم على قوله { أو مجنون } أي : لاجترائه علىّ مع مالي من عظيم الملك بمثل هذا الذي يدعو إليه .

تنبيه : أو هنا على بابها من الإبهام على السامع أو للشك نزل نفسه مع أنه يعرفه نبياً حقاً منزلة الشاك في أمره تمويهاً على قومه ، وقال أبو عبيدة : أو بمعنى الواو قال : لأنه قد قالهما قال تعالى : { إنّ هذا لساحر عليم } [ الأعراف : 109 ] وقال في موضع آخر { إنّ رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون } [ الشعراء : 27 ] وردّ الناس عليه هذا وقالوا : لا ضرورة تدعو إلى ذلك وأمّا الآيتان فلا تدلان على أنه قالهما معاً في آن واحد ، وإنما يفيدان أنه قالهما أعمّ من أن يكونا معاً ، أو هذه في وقت وهذه في آخر .