فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

{ وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين( 38 )فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون( 39 )فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم( 40 ) } .

وفي نبأ موسى آية وعلامة على اقتدارنا ، وإهلاكنا لمكذبي رسلنا ؛ فقد بعثنا نبينا موسى إلى فرعون ليدعوه إلى الهدى ودين الحق ، ويرده إلى الله الحق ، وآتينا رسولنا حجة تدمغ باطل هذا الطاغية المستكبر ، وبرهانا بيّنا يوضح للمستيقنين به طريق الرشد ، - فأعرض فرعون وانثنى بجانبه وعطفه ؛ وقال قتادة : تولى بقومه ، على أن الركن بمعنى القوم ، لأنه يركن إليهم ويتقوى بهم ؛ وقال الطاغية حين رأى البرهان والآيات البينات والعلامات الواضحات على قدرة الله القوي ، وصدق مبعوثه موسى النبي ؛ اتهم فرعون موسى بالسحر حينا ، واتهمه بالجنون حينا آخر يقول اللغويون : وأصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره ، وقيل : السحر عمل تُقُرِّب فيه إلى الشيطان وبمعونة منه ؛ كما قيل : السحر الخديعة ، ونبت مسحور أي مفسود ، والمُسَحَّر المجوف ، ورجل مسحور : أي ذاهب العقل ؛ فبطشنا به وبأعوانه فألقيناهم وأغرقناهم ورمينا بهم في البحر وطرحناهم ؛ وهو ملوم على كفره وجحوده وعناده وطغيانه .