الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

قوله : { بِرُكْنِهِ } : حالٌ من فاعل " تَوَلَّى " .

قوله : { سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } " أو " هنا على بابِها من الإِبهام على السامعِ أو للشكِّ ، نَزَّل نفسَه مع أنَّه يَعْرِفُه نبياً حقاً منزلةَ الشَّاكِّ في أمرِه تَمْويهاً على قومِه . وقال أبو عبيدة : " أو بمعنى الواو " . قال : " لأنه قد قالهما ، قال تعالى : { إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } [ الأعراف : 109 ] . وقال في موضع آخرَ : { إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } [ الشعراء : 27 ] . وتجيْءُ " أو " بمعنى الواو كقولِه :

أثَعْلَبَةَ الفوارِسَ أو رِياحا *** عَدَلْتَ بهم طُهَيَّةَ والخِشابا

وردَّ الناسُ عليه هذا وقالوا : لا ضرورةَ تَدْعُو إلى ذلك ، وأمَّا الآيتان فلا تَدُلاَّن على أنَّه قالهما معاً ، وإنما تفيدان أنه قالهما أعَمَّ مِنْ أَنْ يكونا معاً ، وهذه في وقت وهذه في آخرَ .