فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

{ فتولى بِرُكْنِهِ } التولي : الإعراض ، والركن : الجانب ، قاله الأخفش . والمعنى : أعرض بجانبه ، كما في قوله : { أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ } [ الإسراء : 83 ] قال الجوهري : ركن الشيء : جانبه الأقوى ، وهو يأوي إلى ركن شديد : أي عزّ ومنعة . وقال ابن زيد ومجاهد وغيرهما : الركن : جمعه وجنوده الذين كان يتقوّى بهم ، ومنه قوله تعالى : { أَوْ آوِى إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ } [ هود : 80 ] أي عشيرة ومنعة ، وقيل ، الركن : نفس القوّة ، وبه قال قتادة وغيره ، ومنه قول عنترة :

فما أوهى مراس الحرب ركني *** ولكن ما تقادم من زماني

{ وَقَالَ ساحر أَوْ مَجْنُونٌ } أي قال فرعون في حقّ موسى : هو ساحر ، أو مجنون ، فردّد فيما رآه من أحوال موسى بين كونه ساحراً ، أو مجنوناً ، وهذا من اللعين مغالطة وإيهام لقومه ، فإنه يعلم أن ما رآه من الخوارق لا يتيسر على يد ساحر ولا يفعله من به جنون . وقيل : إن «أو » بمعنى الواو ، لأنه قد قال ذلك جميعاً ولم يتردّد ، قاله المؤرج والفرّاء ، كقوله : { وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءاثِماً أَوْ كَفُوراً } [ الإنسان : 24 ] .

/خ60