{ عاملة ناصبة } قال عطاء عن ابن عباس : يعني الذي عملوا ونصبوا في الدنيا على غير دين الإسلام من عبدة الأوثان وكفار أهل الكتاب ، مثل الرهبان وغيرهم ، لا يقبل الله منهم اجتهاداً في ضلالة ، يدخلون النار يوم القيامة ، وهو قول سعيد بن جبير ، وزيد ابن أسلم . ومعنى { النصب } : الدأب في العمل بالتعب . وقال عكرمة والسدي : عاملة في الدنيا بالمعاصي ، ناصبة في الآخرة في النار . وقال بعضهم : عاملة في النار ناصبة فيها . قال الحسن : لم تعمل لله في الدنيا ، فأعملها وأنصبها في النار بمعالجة السلاسل ، والأغلال . وبه قال قتادة ، وهي رواية العوفي عن ابن عباس . قال ابن مسعود : تخوض في النار كما تخوض الإبل في الوحل . وقال الكلبي : يجرون على وجوههم في النار . وقال الضحاك : يكلفون ارتقاء جبل من حديد في النار ، والكلام خرج على الوجوه ، والمراد منها أصحابها .
{ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ } أي : تاعبة في العذاب ، تجر على وجوهها ، وتغشى وجوههم النار .
ويحتمل أن المراد [ بقوله : ] { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ } في الدنيا لكونهم في الدنيا أهل عبادات وعمل ، ولكنه لما عدم شرطه وهو الإيمان ، صار يوم القيامة هباء منثورا ، وهذا الاحتمال وإن كان صحيحًا من حيث المعنى ، فلا يدل عليه سياق الكلام ، بل الصواب المقطوع به هو الاحتمال الأول ، لأنه قيده بالظرف ، وهو يوم القيامة ، ولأن المقصود هنا بيان وصف أهل النار عمومًا ، وذلك الاحتمال جزء قليل من أهل النار بالنسبة إلى أهلها{[1416]} ؛ ولأن الكلام في بيان حال الناس عند غشيان الغاشية ، فليس فيه تعرض لأحوالهم في الدنيا .
واختلف الناس في قوله تعالى : { عاملة ناصبة } فيها والنصب ، التعب ، لأنها تكبرت عن العمل لله في الدنيا فأعملها في الآخرة في ناره ، وقال عكرمة والسدي : المعنى : { عاملة } في الدنيا { ناصبة } يوم القيامة ، فالعمل على هذا هو مساعي الدنيا ، وقال ابن عباس وزيد بن أسلم وابن جبير : المعنى : هي { عاملة } في الدنيا { ناصبة } فيها لأنها على غير هدى ، فلا ثمرة لعملها إلا النصب وخاتمته النار . قالوا : والآية في القسيسين وعبدة الأوثان وكل مجتهد في كفر ، وقد ذهب هذا المذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تأويل الآية ، وبكى رحمة لراهب نصراني رآه مجتهداً{[11762]} ، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر القدرية فبكى ، وقال إن فيهم المجتهد{[11763]} ، وقرأ ابن كثير في رواية شبل وابن محيصن : «عاملةً ناصبةً » بالنصب على الذم ، والناصب فعل مضمر تقديره أذم أو أغني ونحو هذا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.