روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{عَامِلَةٞ نَّاصِبَةٞ} (3)

{ عَامِلَةٌ } على ما قيل وهو وقوله تعالى : { نَّاصِبَةٌ } خبر إن آخران لوجوه إذ المراد بها أصحابها وفي ذلك الاحتمالات أخر ستأتي إن شاء الله تعالى أي عاملة في ذلك اليوم تعبة فيه وذلك في النار على ما روى عن ابن عباس والحسن وابن جبير وقتادة وعملها فيها على ما قيل جر السلاسل والأغلال والخوض فيها خوض الإبل في الوحل والصعود والهبوط في تلالها ووهادها وذلك جزاء التكبر عن العمل وطاعة الله تعالى في الدنيا وعن زيد بن أسلم أنه قال أي عاملة في الدنيا ناصبة فيها لأنها على غير هدى فلا تمرة لها إلا النصب وخاتمته النار وجاء ذلك في رواية أخرى عن ابن عباس وابن جبير أيضاً والظاهر أن الخشوع عند هؤلاء باق على كونه في الآخرة وعليه فيومئذ لا تعلق له بالوصفين معنى بل متعلقهما في الدنيا ولايخفى ما في هذا الوجه من البعد وظهور أن العمل لا يكون في الآخرة بعد تسليمه لا يجدي نفعاً في دفع بعده وقال عكرمة عاملة في الدنيا ناصبة يوم القيامة والظاهر أن الخشوع على ما مر ولا يخفى ما في جعل المحاط باستقباليين ماضوياً من البعد وقيل الأوصاف الثلاثة في الدنيا والكلام على منوال

. إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة *** أي ظهر لهم يومئذ أنها كانت خاشعة عاملة ناصبة في الدنيا من غير نفع وأما قبل ذلك اليوم فكانوا يحسبون أنهم يحسنون صنعاً وهؤلاء النساك من اليهود والنصارى كما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس ويشمل غيرهم مما شاكلهم من نساك أهل الضلال وهذا الوجه أبعد من أخويه .