معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَتَحۡمِلُ أَثۡقَالَكُمۡ إِلَىٰ بَلَدٖ لَّمۡ تَكُونُواْ بَٰلِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ ٱلۡأَنفُسِۚ إِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (7)

قوله تعالى : { وتحمل أثقالكم } ، أحمالكم { إلى بلد } ، آخر غير بلدكم . قال عكرمة : البلد مكة { لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس } ، أي : بالمشقة والجهد . والشق : النصف أيضا أي : لم تكونوا بالغية إلا بنقصان قلة النفس وذهاب نصفها . وقرأ أبو جعفر { بشق } بفتح الشين ، وهما لغتان ، مثل : رطل ورطل . { إن ربكم لرؤوف رحيم } بخلقة حيث جعل لهم هذه المنافع .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَتَحۡمِلُ أَثۡقَالَكُمۡ إِلَىٰ بَلَدٖ لَّمۡ تَكُونُواْ بَٰلِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ ٱلۡأَنفُسِۚ إِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (7)

{ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ } من الأحمال الثقيلة ، بل وتحملكم أنتم { إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ } ولكن الله ذللها لكم .

فمنها ما تركبونه ، ومنها ما تحملون عليه ما تشاءون من الأثقال إلى البلدان البعيدة والأقطار الشاسعة ، { إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ } إذ سخر لكم ما تضطرون إليه وتحتاجونه ، فله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه ، وعظيم سلطانه وسعة جوده وبره .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَتَحۡمِلُ أَثۡقَالَكُمۡ إِلَىٰ بَلَدٖ لَّمۡ تَكُونُواْ بَٰلِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ ٱلۡأَنفُسِۚ إِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (7)

( إن ربكم لرؤوف رحيم ) يعقب بها على حمل الأثقال إلى بلد لم يكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس توجيها إلى ما في خلق الأنعام من نعمة ، وما في هذه النعمة من رحمة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَتَحۡمِلُ أَثۡقَالَكُمۡ إِلَىٰ بَلَدٖ لَّمۡ تَكُونُواْ بَٰلِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ ٱلۡأَنفُسِۚ إِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (7)

{ وتحمل أثقالكم } أحمالكم . { إلى بلد لم تكونوا بالغيه } أي إن لم تكن الأنعام ولم تخلق فضلا أن تحملوها على ظهوركم إليه . { إلا بشقّ الأنفس } إلا بكلفة ومشقة . وقرئ بالفتح وهو لغة فيه . وقيل المفتوح مصدر شق الأمر عليه وأصله الصدع والمكسور بمعنى النصف ، كأنه ذهب نصف قوته بالتعب . { إن ربكم لرؤوف رحيم } حيث رحمكم بخلقها لانتفاعكم وتيسير الأمر عليكم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَتَحۡمِلُ أَثۡقَالَكُمۡ إِلَىٰ بَلَدٖ لَّمۡ تَكُونُواْ بَٰلِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ ٱلۡأَنفُسِۚ إِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (7)

جملة { وتحمل أثقالكم } معطوفة على { ولكم فيها جمال } فهي في موضع الحال أيضاً . والضمير عائد إلى أشهر الأنعام عندهم وهي الإبل ، كقولها في قصّة أم زرع « رَكب شَرياً وأخذَ خطيّاً فأراح علي نعماً ثرياً » ، فإن النعم التي تؤخذ بالرمح هي الإبل لأنها تؤخذ بالغارة .

وضمير { وتحمل } عائد إلى بعض الأنعام بالقرينة . واختيار الفعل المضارع بتكرر ذلك الفعل .

والأثقال : جمع ثَقَل بفتحتين وهو ما يثقل على الناس حمله بأنفسهم .

والمراد ب { بلد } جنس البلد الذي يرتحلون إليه كالشام واليمن بالنسبة إلى أهل الحجاز ، ومنهم أهل مكة في رحلة الصيف والشتاء والرحلة إلى الحجّ .

وقد أفاد { وتحمل أثقالكم } معنى تحملكم وتبلغكم ، بطريقة الكناية القريبة من التصريح . ولذلك عقب بقوله تعالى : { لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس } .

وجملة { لم تكونوا بالغيه } صفة ل { بلد } ، وهي مفيدة معنى البعد ، لأن بلوغ المسافر إلى بلد بمشقّة هو من شأن البلد البعيد ، أي لا تبلغونه بدون الأنعام الحاملة أثقالكم .

والشِّقّ بكسر الشين في قراءة الجمهور : المشقة . والباء للملابسة . والمشقة : التعب الشّديد .

وما بعد أداة الاستثناء مستثنى من أحوال لضمير المخاطبين .

وقرأ أبو جعفر { إلا بشق الأنفس } بفتح الشين وهو لغة في الشِق المكسور الشين .

وقد نفت الجملة أن يكونوا بالغيه إلا بمشقّة ، فأفاد ظاهرها أنهم كانوا يبلغونه بدون الرواحل بمشقّة وليس مقصوداً ، إذ كان الحمل على الأنعام مقارناً للأسفار بالانتقال إلى البلاد البعيدة ، بل المراد : لم تكونوا بالغيه لولا الإبل أو بدون الإبل ، فحذف لقرينة السياق .

وجملة { إن بكم لرؤوف رحيم } تعليل لجملة { والأنعام خلقها } ، أي خلقها لهذه المنافع لأنه رؤوف رحيم بكم .