{ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ } .
الأثقالُ : جمع ثِقَل ، وهو متاع السَّفر إلى بلدٍ . قال ابن عباسٍ - رضي الله عنهما- : " يريد من مكة إلى [ المدينة ]{[19709]} والشام ومصر " {[19710]} .
وقال الواحديُّ - رحمه الله- : " والمراد كلُّ بلدٍ لو تكلفتم بلوغه على غير إبلٍ لشقَّ عليكم " .
وخصَّ ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - هذه البلاد لأنَّها متاجر أهل مكة .
قوله { لَّمْ تَكُونُواْ } صفة ل " بَلدٍ " ، و " إلاَّ بشقِّ " حال من الضمير المرفوع في " بَالغِيهِ " ، أي : لم تبلغوه إلا ملتبسين بالمشقةِ{[19711]} .
والعامة على كسر الشِّين . وقرأ أبو جعفر ورويت عن نافع ، وأبي عمرو بفتحها ؛ فقيل : هما مصدران بمعنى واحد ، أي : المشقَّة فمن الكسرِ قول الشاعر : [ الطويل ]
رَأى إبلاً تَسْعَى ويَحْسِبُهَا لَهُ *** أخِي نَصبٍ مِنْ شِقِّهَا ودُءُوبِ{[19712]}
وقيل : المفتوح المصدر ، والمكسور الاسم .
وقيل : بالكسر نصف الشيء . وفي التفسير : إلاَّ بنصف أنفسكم ، كما تقول : لَمْ تَنلهُ إلا بقطعه من كيدك على المجاز .
إذا حملنا الشقَّ على المشقَّةِ كان المعنى : لم تكونوا بالغيه إلاَّ بالمشقَّة ، وإن حملناها على نصف الشيء كان المعنى : لم تكونوا بالغيه إلا عند ذهاب نصف قوتكم ونقصانها .
قال بعضهم : المراد من قوله تعالى { والأنعام خَلَقَهَا لَكُمْ } الإبل فقط ، لأنه وصفها في آخر الآية بقوله - عز وجل - { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ } وهذا لا يليق إلاَّ بالإبل فقط .
والجواب : أنَّ هذه الآيات وردت لتعديدِ منافع الأنعام ، فبعض تلك المنافع حاصل في الكلِّ ، وبعضها يختص بالبعض ، لأنَّ قوله تعالى : { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ } حاصل في البقر والغنم أيضاً .
{ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } بخلقه حيث جعل لهم هذه المنافع .
احتجَّ منكرو كرامات الأولياءِ بهذه الآية ، لأنَّ هذه الآية دلت على أنَّ الإنسان لا يمكنه الانتقال من بلدٍ إلى بلدٍ إلا بشقِّ الأنفس ، وحملِ الأثقالِ على [ الجمال ]{[19713]} ، فيكون الانتقال من بلدٍ إلى بلدٍ بعيدٍ في ليلةٍ واحدةٍ من غير تعبٍ ، وتحمُّل مشقة خلاف هذه الآية ، فيكون باطلاً .
ولمَّا بطل القول بالكرامات في هذه الصورة ، بطل القول بها في سائر الصُّورِ ؛ لأنه لا قائل بالفرق .
والجواب : أنَّا نَخُصُّ هذه الآية بالأدلَّة الدالة على وقوع الكرامات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.