فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَتَحۡمِلُ أَثۡقَالَكُمۡ إِلَىٰ بَلَدٖ لَّمۡ تَكُونُواْ بَٰلِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ ٱلۡأَنفُسِۚ إِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (7)

{ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ( 7 ) } .

{ وَتَحْمِلُ } أي الأنعام والمراد بها هنا الإبل خاصة { أَثْقَالَكُمْ } جمع ثقل وهو متاع المسافر من طعام وغيره ، وسمي ثقلا لأنه يثقل الإنسان حمله ، وقيل المراد أبدانهم { إِلَى بَلَدٍ } غير بلدكم { لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ } أي واصلين إليه لو لم يكن معكم إبل تحمل أثقالكم { إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ } لبعده عنكم وعدم وجود ما يحمل ما لا بد لكم منه في السفر ، وظاهره يتناول كل بلد بعيد من غير تعيين ، وقيل المراد بالبلد مكة ، قاله ابن عباس ، وقيل اليمن ومصر والشام لأنها متاجر العرب ، وشق الأنفس مشقتها ، قرئ بكسر الشين وبفتحها .

قال الجوهري : الشق المشقة ، ومنه قوله تعالى : { إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ } وحكى أبو عبيدة فتح الشين وهما بمعنى ، ويجوز أن يكون المفتوح مصدرا من شققت عليه أشق شقا والمكسور بمعنى النصف ، يقال أخذت شق الشاة وشقة الشاة ، ويكون المعنى على هذا لم تكونوا بالغيه إلا بذهاب نصف الأنفس من التعب .

قال امتن الله سبحانه على عباده بخلق الأنعام على العموم ثم خص الإبل بالذكر لما فيها من نعمة حمل الأثقال دون البقر والغنم ، والاستثناء من أعم العام أي لم تكونوا بالغيه بشيء من الأشياء إلا بشق الأنفس ، قال ابن عباس : لو تكلفتموه لم تطيقوه إلا بجهد شديد { إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } حيث رحمكم بخلق هذه الحوامل وتيسير هذه المصالح .