فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَتَحۡمِلُ أَثۡقَالَكُمۡ إِلَىٰ بَلَدٖ لَّمۡ تَكُونُواْ بَٰلِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ ٱلۡأَنفُسِۚ إِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (7)

{ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ } الأثقال : جمع ثقل ، وهو متاع المسافر من طعام وغيره ، وسمي ثقلاً لأنه يثقل الإنسان حمله ، وقيل : المراد أبدانهم { إلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بالغيه إِلاَّ بِشِقّ الأنفس } أي : لم تكونوا واصلين إليه لو لم يكن معكم إبل تحمل أثقالكم إلاّ بشق الأنفس لبعده عنكم ، وعدم وجود ما يحمل ما لا بدّ لكم منه في السفر ، وظاهره يتناول كل بلد بعيدة من غير تعيين ؛ وقيل : المراد بالبلد مكة ، وقيل : اليمن ومصر والشام لأنها متاجر العرب ، { وشق الأنفس } : مشقتها . قرأ الجمهور بكسر الشين ، وقرأ أبو جعفر بفتحها . قال الجوهري : والشق المشقة ، ومنه قوله : { لَمْ تَكُونُوا بالغيه إِلاَّ بِشِقّ الأنفس } وحكى أبو عبيدة بفتح الشين ، وهما بمعنى ، ويجوز أن يكون المفتوح مصدراً من شققت عليه أشق شقاً . والمكسور بمعنى النصف . يقال : أخذت شق الشاة ، وشقة الشاة ، ويكون المعنى على هذا في الآية : لم تكونوا بالغيه إلاّ بذهاب نصف الأنفس من التعب ، وقد امتنّ الله سبحانه على عباده بخلق الأنعام على العموم ، ثم خصّ الإبل بالذكر لما فيها من نعمة حمل الأثقال دون البقر والغنم ، والاستثناء من أعمّ العام ، أي : لم تكونوا بالغيه بشيء من الأشياء إلاّ بشقّ الأنفس .

/خ9