فلننظر كيف كانت عاقبة التكذيب . . ( فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية ) . .
وثمود - كما جاء في مواضع أخرى - كانت تسكن الحجر في شمالي الحجاز بين الحجاز والشام . وكان أخذهم بالصيحة كما سماها في غير موضع . أما هنا فهو يذكر وصف الصيحة دون لفظها . . ( بالطاغية ) . . لأن هذا الوصف يفيض بالهول المناسب لجو السورة . ولأن إيقاع اللفظ يتفق مع إيقاع الفاصلة في هذا المقطع منها . ويكتفي بهذه الآية الواحدة تطوي ثمود طيا ، وتغمرهم غمرا ، وتعصف بهم عصفا ، وتطغى عليهم فلا تبقي لهم ظلا !
ثم ذكر تعالى إهلاكه الأمم المكذبين بها ، فقال تعالى : { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ } وهي الصيحة التي أسكتتهم ، والزلزلة التي أسكنتهم . هكذا قال قتادة : الطاغية الصيحة . وهو اختيار ابن جرير{[29261]} .
وقال مجاهد : الطاغية الذنوب . وكذا قال الربيع بن أنس ، وابن زيد : إنها الطغيان ، وقرأ ابن زيد : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا } [ الشمس : 11 ] .
وقال السُّدِّي : { فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ } قال : يعني : عاقر الناقة .
ابتدىء بذكر ثمود لأن العذاب الذي أصابهم من قبيل القرع إذ أصابتهم الصواعق المسماة في بعض الآيات بالصيحة . والطاغية : الصاعقة في قول ابن عباس وقتادة : نَزلت عليهم صاعقة أو صواعق فأهلكتهم ، لأن منازل ثمود كانت في طريق أهل مكة إلى الشام في رحلتهم فهم يرونها ، قال تعالى : { فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا } [ النمل : 52 ] ، ولأن الكلام على مهلك عاد أنسب فأخر لذلك أيضاً .
وإنما سميت الصاعقةُ أو الصيحة { بالطاغية } لأنها كانت متجاوزة الحال المتعارف في الشدة فشبه فعلها بفعل الطاغي المتجاوز الحد في العدوان والبطش .
والباء في قول { بالطاغية } للاستعانة .
و { ثمود } : أمة من العرب البائدة العاربة ، وهم أنساب عاد . وثَمود : اسم جد تلك الأمة ولكن غلب على الأمة فلذلك منع من الصرف للعلمية والتأنيث باعتبار الأمة أو القبيلة .
وتقدم ذكر ثمود عند قوله تعالى : { وإلى ثمود أخاهم صالحاً } في سورة الأعراف ( 73 ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.