الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهۡلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ} (5)

- ثم قال تعالى : ( فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية ) .

أي : بطغيانهم {[69910]} وكفرهم بالله وباليوم الآخر {[69911]} .

قال مجاهد : ( بالطاغية ) بالذنوب {[69912]} .

قال ابن زيد : ( بالطاغية ) بطغيانهم ، واستدل على ذلك بقوله : ( كذبت ثمود بطغواها ) {[69913]} بالصيحة ، كأنها صيحة تجاوزت {[69914]} مقادير الصياح فطغت عليهم . وهو اختيار الطبري {[69915]} ؛ لأن الله إنما أخبر عن ثمود بالمعنى الذي أهلكوا به {[69916]}لا الذي أهلكوا من أجله ( ودليل ذلك/ إخباره تعالى عن عاد بالمعنى الذي أهلكوا به وهو الريح ولم يخبر بالذي هلكوا من أجله ) {[69917]} .

وقيل : المعنى : بالفئة الطاغية {[69918]} .

( وقيل ) {[69919]} : بالفعلة الطاغية {[69920]} .

قيل : بالجماعة الطاغية {[69921]} .

وقيل : المعنى : بالأخذة {[69922]} الطاغية . وسميت الآخذة {[69923]} طاغية لأنها جاوزت القدر في الشدة . فالمعنى : فأهلكوا بالأخذة {[69924]} التي جاوزت القدر [ فطغت عليهم ] {[69925]} . دليله : قوله في عاد : ( بريح صرصر عاتية ) {[69926]} ، فذكر الشيء[ الذي ] {[69927]} أهلكوا به ، فكذلك الأول .

وإنما ذكر الشيء الذي أهلكوا من أجله ، فإنما وصف العذاب الذي أهلك به الطائفتان {[69928]} ، فهو ظاهر اللفظ وكل قد قيل {[69929]} .

- وقوله : ( عاتية ) {[69930]} .

ليس ( هو ) {[69931]} من العتو الذي هو العصيان ، إنما هو من العتو الذي هو بلوغ الشيء وانتهاؤه {[69932]} في قوته وقدره {[69933]} ، من قولهم : عتا {[69934]} : إذا بلغ منتهاه ، ومنه قوله : ( وقد بلغت من الكبر عتيا ) {[69935]} .


[69910]:- مجاز أبي عبيدة2/267 والغريب لابن قتيبة 483, وزاد المسير 8/366 حيث حكاه عن ابن عباس ومجاهد ومقاتل أيضا.
[69911]:- أ: واليوم.
[69912]:- انظر جامع البيان 29/49, والدر 8/264.
[69913]:- الشمس:11. وانظر جامع البيان 29/49. وهو قول الحسن في تفسير القرطبي 18/258 أو قول الربيع بن أنس في تفسير ابن كثير 4/440.
[69914]:- أ: جاوزت.
[69915]:- انظر جامع البيان 29/49.
[69916]:- أ: الذي يهلك أهلكوا به.
[69917]:- ساقط من أ.
[69918]:- حكاه ابن عطية في المحرر 16/93, والرازي في تفسيره: 3/103 والخازن في تفسيره 7/142.
[69919]:- ساقط من أ.
[69920]:- هو معنى قول مجاهد في المعالم 7/142.
[69921]:- حكاه النحاس في إعرابه 5/19, وهو قول قريب من القول السابق أنها الفئة...
[69922]:- أ: بالآخرة.
[69923]:- أ: الآخرة.
[69924]:- أ: بالآخرة.
[69925]:- م, ث: عليهم فطغت.
[69926]:- الحاقة 6, وسيأتي تفسيرها في ما يلي.
[69927]:- م: التي.
[69928]:- هو قول الطبري في جامع البيان 29/49, وهو ما ذهب إليه الزجاج أيضا في معانيه 5/213.
[69929]:- كأنه يقصد أن هذه المعاني كلها في كلمة الطاغية لها أصل في كلام العرب وكلام المفسرين.
[69930]:- مكانها في الآية التالية.
[69931]:- ساقط من أ.
[69932]:-أ: وانتهاؤه.
[69933]:- أ: وقدرة.
[69934]:--بياض في ث.
[69935]:- مريم:7.