معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأۡكُلَ مِنۡهَا وَتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعۡلَمَ أَن قَدۡ صَدَقۡتَنَا وَنَكُونَ عَلَيۡهَا مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (113)

قوله تعالى : { قالوا نريد } ، أي إنما سألنا لأنا نريد { أن نأكل منها } ، أكل تبرك لا أكل حاجة . فنستيقن قدرته .

قوله تعالى : { وتطمئن } ، وتسكن .

قوله تعالى : { قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا } ، بأنك رسول الله ، أي : نزداد إيماناً ويقيناً ، وقيل : إن عيسى عليه السلام أمرهم أن يصوموا ثلاثين يوماً ، فإذا أفطروا لا يسألون الله شيئاً إلا أعطاهم ، ففعلوا وسألوا المائدة ، وقالوا : { ونعلم أن قد صدقتنا } في قولك ، إنا إذا صمنا ثلاثين يوما‌ً لا نسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطانا .

قوله تعالى : { ونكون عليها من الشاهدين } لله بالوحدانية والقدرة ، ولك بالنبوة والرسالة ، وقيل : ونكون من الشاهدين لك عند بني إسرائيل إذا رجعنا إليهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأۡكُلَ مِنۡهَا وَتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعۡلَمَ أَن قَدۡ صَدَقۡتَنَا وَنَكُونَ عَلَيۡهَا مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (113)

فأخبر الحواريون أنهم ليس مقصودهم هذا المعنى ، وإنما لهم مقاصد صالحة ، ولأجل الحاجة إلى ذلك ف { قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا } وهذا دليل على أنهم محتاجون لها ، { وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا } بالإيمان حين نرى الآيات العيانية ، فيكون{[284]}  الإيمان عين اليقين ، كما كان قبل ذلك علم اليقين . كما سأل الخليل عليه الصلاة والسلام ربه أن يريه كيف يحيي الموتى { قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } فالعبد محتاج إلى زيادة العلم واليقين والإيمان كل وقت ، ولهذا قال : { وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا } أي : نعلم صدق ما جئت به ، أنه حق وصدق ، { وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ } فتكون مصلحة لمن بعدنا ، نشهدها لك ، فتقوم الحجة ، ويحصل زيادة البرهان بذلك .


[284]:- في ب: حتى يكون.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأۡكُلَ مِنۡهَا وَتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعۡلَمَ أَن قَدۡ صَدَقۡتَنَا وَنَكُونَ عَلَيۡهَا مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (113)

ولكن الحواريين كرروا الطلب ، معلنين عن علته وأسبابه وما يرجون من ورائه :

( قالوا : نريد أن نأكل منها ، وتطمئن قلوبنا ، ونعلم أن قد صدقتنا ، ونكون عليها من الشاهدين ) .

فهم يريدون أن يأكلوا من هذا الطعام الفريد الذي لا نظير له عند أهل الأرض . وتطمئن قلوبهم برؤية هذه الخارقة وهي تتحقق أمام أعينهم ؛ ويستيقنوا أن عيسى عليه السلام قد صدقهم ، ثم يكونوا شهودا لدى بقية قومهم على وقوع هذه المعجزة .

وكلها أسباب كما قلنا تصور مستوى معينا دون مستوى أصحاب محمد [ ص ] فهؤلاء طراز آخر بالموازنة مع هذا الطراز !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأۡكُلَ مِنۡهَا وَتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعۡلَمَ أَن قَدۡ صَدَقۡتَنَا وَنَكُونَ عَلَيۡهَا مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (113)

{ قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا } أي : نحن محتاجون إلى الأكل منها { وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا } إذا شاهدنا نزولها رزقًا لنا من السماء { وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا } أي : ونزداد إيمانًا بك وعلمًا برسالتك ، { وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ } أي : ونشهد أنها آية من عند الله ، ودلالة وحجة على نبوتك وصدق ما جئت به .

/خ115

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأۡكُلَ مِنۡهَا وَتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعۡلَمَ أَن قَدۡ صَدَقۡتَنَا وَنَكُونَ عَلَيۡهَا مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (113)

فلما خاطبهم عليه السلام بهذه المقالة صرحوا بالمذاهب التي حملتهم على طلب المائدة ، فقالوا : نريد أن نأكل منها فنشرف في العالم .

قال القاضي أبو محمد : لأن هذا الأكل ليس الغرض منه شبع البطن . { وتطمئن قلوبنا } معناه يسكن فكرنا في أمرك بالمعاينة لأمر نازل من السماء بأعيننا { ونعلم } على الضرورة والمشاهدة أن قد صدقتنا فلا تعترضنا الشبه التي تعرض في علم الاستدلال .

قال القاضي أبو محمد : وبهذا يترجح قول من قال كان هذا قبل علمهم بآياته . ويدل أيضاً على ذلك أن وحي الله إليهم أن آمنوا إنما كان في صدر الأمر ، وعند ذلك قالوا هذه المقالة ثم آمنوا ورأوا الآيات واستمروا وصبروا . وهلك من كفر وقرأ سعيد بن جبير و «يعلم » بالياء مضمومة على ما لم يسم فاعله ، وقولهم { ونكون عليها من الشاهدين } معناه من الشاهدين بهذه الآية الناقلين لها إلى غيرنا الداعين إلى هذا الشرع بسببها .

قال القاضي أبو محمد : وروي أن الذي نحا بهم هذا المنحى من الاقتراح هو أن عيسى عليه السلام قال لهم مرة هل لكم في صيام ثلاثين يوماً لله ، ثم إن سألتموه حاجة قضاها ؟ فلما صاموها قالوا : يا معلم الخير إن حق من عمل عملاً أن يطعم ، فهل يستطيع ربك ؟ فأرادوا أن تكون المائدة عند ذلك الصوم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأۡكُلَ مِنۡهَا وَتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعۡلَمَ أَن قَدۡ صَدَقۡتَنَا وَنَكُونَ عَلَيۡهَا مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (113)

أجابوه عن ذلك بأنّهم ما أرادوا ذلك لضعف في إيمانهم إنّما أرادوا التيمّن بأكل طعام نزل من عند الله إكراماً لهم ، ولذلك زادوا { منها } ولم يقتصروا على { أن نأكل } إذ ليس غرضهم من الأكل دفع الجوع بل الغرض التشرّف بأكل من شيء نازل من السماء .

وهذا مثل أكل أبي بكر من الطعام الذي أكَل منه ضيفه في بيته حين انتظروه بالعشاء إلى أن ذهب جزء من الليل ، وحضر أبو بكر وغضب من تركهم الطعام ، فلمّا أخذوا يطعمون جعل الطعام يربو فقال أبو بكر لزوجه : ما هذا يا أختَ بني فِراس . وحمل من الغد بعض ذلك الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل منه .

ولذلك قال الحواريّون : { وتطمئنّ قلوبنا } أي بمشاهدة هذه المعجزة فإنّ الدليل الحسي أظهر في النفس ، { ونعلم أن قد صدقتنا } ، أي نعلم علم ضرورة لا علم استدلال فيحصل لهم العلمان ، { ونكون عليها من الشاهدين } ، أي من الشاهدين على رؤية هذه المعجزة فنبلّغها من لم يشهدها . فهذه أربع فوائد لسؤال إنزال المائدة ، كلّها درجات من الفضل الذي يرغب فيه أمثالهم .

وتقديم الجارّ والمجرور في قوله { عليها من الشاهدين } للرعاية على الفاصلة .