إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأۡكُلَ مِنۡهَا وَتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعۡلَمَ أَن قَدۡ صَدَقۡتَنَا وَنَكُونَ عَلَيۡهَا مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (113)

{ قَالُوا } استئناف كما سبق { نُرِيدُ أَن نَاكُلَ مِنْهَا } تمهيدُ عذرٍ وبيانٍ لِمَا دعاهم إلى السؤال ، أي لسنا نريد بالسؤال إزاحةَ شُبهتِنا في قدرته سبحانه على تنزيلها أو في صحة نبوتك ، حتى يقدحَ ذلك في الإيمان والتقوى ، بل نريد أن نأكلَ منها أي أكلَ تبرّكٍ ، وقيل : أكلَ حاجةٍ وتمتُّع { وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا } بكمال قدرته تعالى وإن كنا مؤمنين به من قبل ، فإن انضمامَ علم المشاهدةِ إلى العلم الاستدلالي مما يوجب ازديادَ الطُمأنينة وقوةَ اليقين { وَنَعْلَمَ } أي علماً يقينياً لا يحوم حوله شائبةُ شُبهةٍ أصلاً ، وقرئ ( ليُعْلَمَ ) على البناء للمفعول { أَن قَدْ صَدَقْتَنَا } ( أنْ ) هي المخففة من أنّ ، وضميرُ الشأن محذوفٌ ، أي ونلعم أنه قد صدقتنا في دعوى النبوة وأن الله يُجيب دعوتنا وإن كنا عالمين بذلك من قبل { وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشاهدين } نشهد عليها عند الذين لم يحضُروها من بني إسرائيل ليزدادَ المؤمنون منهم بشهادتنا طُمأنينةً ويقيناً ، ويؤمنَ بسببها كفارُهم ، أو ( من الشاهدين ) للعَيْن دون السامعين للخبر ، و( عليها ) متعلقٌ بالشاهدين إن جُعل اللامُ للتعريف ، وبيانٌ لما يشهدون عليه إن جُعلتْ موصولة ، كأنه قيل : على أي شيء يشهدون ؟ فقيل : عليها ، فإن ما يتعلق بالصلة لا يتقدم على الموصول ، أو هو حال من اسم كان ، أو هو متعلق بمحذوف يفسره من الشاهدين .