محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأۡكُلَ مِنۡهَا وَتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعۡلَمَ أَن قَدۡ صَدَقۡتَنَا وَنَكُونَ عَلَيۡهَا مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ} (113)

[ 113 ] { قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين ( 113 ) } .

{ قالوا نريد أن نأكل منها } أي آمنا . لكنا نريد الأكل منها من غير مشقة تشغلنا عن عبادة الله تعالى : { وتطمئن قلوبنا } أي فلا تعتريها شبهة لا يؤمن من ورودها ، لولا مثل هذه الآية . فإن انضمام علم المشاهدة إلى العلم الاستدلالي مما يوجب قوة اليقين : { ونعلم أن قد صدقتنا } أي في دعوى النبوة ، وفيما تعدنا من نعيم الجنة ، مع أنها سماوية { ونكون عليها من الشاهدين } أي فنشهد عليها عند الذين لم يحضروها من بني إسرائيل ، ليزداد المؤمنون منهم بشهادتنا طمأنينة ويقينا . ويؤمن بسببها كفارهم . أو من الشاهدين للعين دون السامعين للخبر .

ثم لما رأى أن لهم غرضا صحيحا في ذلك ، وأنهم لا يقلعون عنه ، أزمع على استدعائها واستنزالها .

/ روى ابن أبي حاتم ؛ أنه توضأ واغتسل ودخل مصلاه ، فصلى ما شاء الله . فلما قضى صلاته قام مستقبل القبلة ، وصف قدميه ، ووضع يده اليمنى على اليسرى فوق صدره ، وغمض بصره وطأطأ برأسه ، خشوعا . ثم أرسل عينيه بالبكاء . فما زالت دموعه تسيل على خديه ، وتقطر من أطراف لحيته ، حتى ابتلت الأرض حيال وجهه ، من خشوعه . فعند ذلك دعا الله تعالى فقال : اللهم  ! ربنا كما قال تعالى : { قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين ( 114 ) } .