قوله : { إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع }{[18719]} الآية [ 114 – 115 ] .
روي{[18720]} عن ابن عامر{[18721]} : ( الحواريون ) بالتخفيف ، استخفافا ، والتشديد هو الأصل .
ومعنى الآية : أنهم سألوا ذلك ليثبتوا{[18722]} في صدقه{[18723]} ، كما قال إبراهيم { ربي أرني كيف تحيي الموتى }{[18724]} .
وقيل : إنهم إنما سألوا ( هذا ){[18725]} قبل أن يعلموا أن عيسى يبرئ الأكمه ، ويحيي الموتى ، فسألوه آية{[18726]} .
ومعنى : { هل يستطيع ربك أن ينزل } ، أي : ينزل علينا ربك مائدة ، كما تقول للرجل : ( أتستطيع أن تنهض معي في كذا ؟ ) ، وأنت تعلم أنه مستطيع ، وإنما تريد : ( أتنهض معي في كذا ؟ ){[18727]} .
وقيل : معناه : هل يستجيب لك ربك إن سألته ؟ {[18728]} .
وقال الحسن : المعنى : هل ربك فاعل ربنا ذلك ؟ {[18729]} والعرب تقول : ( ما أستطيع ذلك ) ، أي : ما أنا فاعل ذلك ، وهو يستطيع{[18730]} .
وقيل : إنهم سألوه قبل أن يكونوا مؤمنين محققين{[18731]} ، ثم آمنوا بعد ذلك ، ودل على ذلك استعظام{[18732]} عيسى لقولهم ، وقوله لهم : { اتقوا الله إن كنتم مومنين }{[18733]} .
قال ابن شهاب : قال ابن عباس : قال عيسى لبني إسرائيل : هل لكم ان تصوموا لله ثلاثين يوما ، ثم تسألوه فيعطيكم ما سألتم ، فإن أجر العامل على من عمل له ! ، [ ففعلوا ثم قالوا : يا معلم الخير ، قلت لنا{[18734]} : ( إن أجر العامل على من عمل له ) ]{[18735]} ، وأمرتنا أن نصوم{[18736]} ثلاثين يوما ، ففعلنا ، ولم نكن{[18737]} نعمل لأحد ثلاثين يوما إلا أطعمنا{[18738]} – حين نفرغ – طعاما ، فهل يستطيع ربك أن ينزّل / علينا مائدة من السماء ؟ ، فقال عيسى : { اتقوا الله أن كنتم مومنين } ، فاعتذروا بقولهم : { نريد أن ناكل منها وتطمئن قلوبنا }{[18739]} أي : بنبوتك{[18740]} ، ونعلم صدقك ، فأقبلت{[18741]} الملائكة تطير بمائدة من السماء ، عليها سبعة ( أرغفة وسبعة أحوات ){[18742]} حتى وضعتها بين أيديهم ، فأكل منها آخر الناس كما أكل أولهم{[18743]} .
قال السدي المعنى : ( هل يطيعك{[18744]} ربك إن سألته ){[18745]} .
وقرأه الكسائي{[18746]} بالتاء{[18747]} ، ونصب ( ربَّك ){[18748]} ، ومعناها : أن الحواريين لم يكونوا شاكين ، إنما قالوا لعيسى : هل تستطيع أنت ذلك ؟ {[18749]} .
قالت عائشة : كان الحواريون لا يشكون أن الله قادر على أن ينزل عليهم مائدة{[18750]} .
( و ){[18751]} روي عنها أنها قالت : كان الحواريون أعرف بالله من أن يقولوا : { هل يستطيع ربك }{[18752]} .
( و ){[18753]} تقدير قراءة الكسائي : هل تستطيع مسألة ربك أن ينزل علينا مائدة{[18754]} .
والمائدة فاعلة ، من ماد فلان القوم يميدهم : إذا أطعمهم{[18755]} . قال أبو عبيدة : ( مائدة ) من العطاء ، وهي ( فاعلة ) بمعنى مفعولة{[18756]} وقال الزجاج{[18757]} : ( مائدة : فاعلة من مادَ يميد{[18758]} : إذا تحرك{[18759]} ){[18760]} ، ومنه ماد الرجل في البحر : إذا دار رأسه{[18761]} وقيل : المائدة : المطعمة{[18762]} ، كأنها الطاعمة{[18763]} .
ومعنى قوله : { اتقوا الله }{[18764]} أي : اتقوه أن تنزل{[18765]} بكم{[18766]} عقوبة ، فإن الله سبحانه لا يعجز عن شيء أراده ، فلا تَشُكّوا في قدرته{[18767]} هذا على قراءة الجماعة{[18768]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.