معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا} (84)

قوله عز وجل : { إنا مكنا له في الأرض } ، أوطأنا ، والتمكين : تمهيد الأسباب . وقال علي : سخر له السحاب فحمله عليها ، ومد له في الأسباب ، وبسط له النور ، فكان الليل والنهار عليه سواء ، فهذا معنى تمكينه في الأرض ، وهو أنه سهل عليه السير فيها وذلل له طرقها . { وآتيناه من كل شيء } أي : من كل شيء يحتاج إليه الخلق . وقيل : من كل ما يستعين به الملوك على فتح المدن ومحاربة الأعداء . { سبباً } أي : علماً يتسبب به كل ما يريد ، ويسير به في أقطار الأرض ، والسبب : ما يوصل الشيء . وقال الحسن : بلاغاً إلى حيث أراد . وقيل : قربنا إليه أقطار الأرض .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا} (84)

{ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ ْ } أي : ملكه الله تعالى ، ومكنه من النفوذ في أقطار الأرض ، وانقيادهم له . { وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا ْ } أي : أعطاه الله من الأسباب الموصلة له لما وصل إليه ، ما به يستعين على قهر البلدان ، وسهولة الوصول إلى أقاصي العمران ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا} (84)

83

يبدأ الحديث عن ذي القرنين بشيء عنه :

( إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا ) . .

لقد مكن الله له في الأرض ، فأعطاه سلطانا وطيد الدعائم ؛ ويسر له أسباب الحكم والفتح ، وأسباب البناء والعمران ، وأسباب السلطان والمتاع . . وسائر ما هو من شأن البشر أن يمكنوا فيه في هذه الحياة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا} (84)

وقوله { إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرْضِ } أي : أعطيناه ملكًا عظيمًا متمكنًا ، فيه له من جميع ما يؤتى{[18420]} الملوك ، من التمكين والجنود{[18421]} ، وآلات الحرب والحصارات ؛ ولهذا ملك المشارق والمغارب من الأرض ، ودانت له البلاد ، وخضعت له ملوك العباد ، وخدمته الأمم ، من العرب والعجم ؛ ولهذا ذكر بعضهم أنه إنما سمي ذا القرنين ؛ لأنه بلغ قرني الشمس مشرقها ومغربها .

وقوله : { وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا } : قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، والسدي ، وقتادة ، والضحاك ، وغيرهم : يعني علمًا .

وقال قتادة أيضًا في قوله : { وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا } قال : منازل الأرض وأعلامها .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله : { وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا } قال : تعليم الألسنة ، كان لا يغزو قومًا إلا كلمهم بلسانهم .

وقال ابن لَهيعة : حدثني سالم بن غَيْلان ، عن سعيد بن أبي هلال ؛ أن معاوية بن أبي سفيان قال{[18422]} لكعب الأحبار : أنت تقول : إن ذا القرنين كان يربط خيله بالثريا ؟ فقال له كعب : إن كنت قلت ذلك ، فإن الله تعالى قال : { وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا } .

وهذا الذي أنكره معاوية ، رضي الله عنه ، على كعب الأحبار هو الصواب{[18423]} ، والحق مع معاوية في الإنكار ؛ فإن معاوية كان يقول عن كعب : " إن كنا لنبلو{[18424]} عليه الكذب " يعني : فيما ينقله ، لا أنه كان يتعمد نقل ما ليس في صحيفته{[18425]} ، ولكن الشأن في صحيفته{[18426]} ، أنها من الإسرائيليات التي غالبها مبدل مصحف محرف مختلق{[18427]} ولا حاجة لنا مع خبر الله ورسول الله [ صلى الله عليه وسلم ]{[18428]} إلى شيء منها بالكلية ، فإنه دخل منها على الناس شر كثير{[18429]} وفساد عريض . وتأويل كعب قول الله : { وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا } واستشهاده في ذلك على ما يجده في صحيفته من أنه كان يربط خيله بالثريا غير صحيح ولا مطابق ؛ فإنه لا سبيل للبشر إلى شيء من ذلك ، ولا إلى الترقي{[18430]} في أسباب السموات . وقد قال الله في حق بلقيس : { وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ } [ النمل : 23 ] أي : مما يؤتى مثلها من الملوك ، وهكذا ذو القرنين يسر الله له الأسباب ، أي : الطرق والوسائل إلى فتح الأقاليم والرَّسَاتيق والبلاد والأراضي وكسر الأعداء ، وكبت ملوك الأرض ، وإذلال أهل الشرك . قد أوتي من كل شيء مما{[18431]} يحتاج إليه مثله سببًا ، والله أعلم .

وفي " المختارة " للحافظ الضياء المقدسي ، من طريق قتيبة ، عن أبي عوانة عن سماك بن حرب ، عن حبيب بن حماز{[18432]} قال : كنت عند علي ، رضي الله عنه ، وسأله رجل عن ذي القرنين : كيف بلغ المشارق والمغارب ؟ فقال سبحان الله سخر له السحاب ، وقَدَّر له الأسباب ، وبسط له اليد{[18433]} .


[18420]:في ف: "تؤتى".
[18421]:في ف: "من الجنود والتمكن".
[18422]:في ت: "يقول".
[18423]:في أ: "الطنوب".
[18424]:في أ: "لنتلو".
[18425]:في ف، أ: "صحفه".
[18426]:في ف، أ: "صحفه".
[18427]:في أ: "مخلق".
[18428]:زيادة من ف، أ.
[18429]:في ت: "كبير".
[18430]:في ف: "الرقى".
[18431]:في أ: "ما".
[18432]:في ت، ف، أ: "حماد".
[18433]:المختارة برقم (409).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا} (84)

{ إنّا مكّنا له في الأرض } أي مكنا له أمره من التصرف فيها كيف شاء فحذف المفعول . { وآتيناه من كل شيء } أراده وتوجه إليه . { سببا } وصلة توصله إليه من العلم والقدرة والآلة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا} (84)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا" يقول: إنا وطأنا له في الأرض، "وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا "يقول وآتيناه من كل شيء، يعني ما يتسبب إليه وهو العلم به... قال ابن زيد، في قوله "وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا" قال: من كلّ شيء علما..

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

والأشبه أن يكون أنه كان ملكا. ألا ترى أنه قال: {إنا مكنا له في الأرض} أي ملكنا له في الأرض جملة، ذكر تمكين الأرض له جملة، يصنع فيها ما يشاء، لم يخص له ناحية منها دون ناحية، وليس كقوله: {أولم نمكن لهم حرما آمنا} الآية (القصص: 57) وكقوله: {ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه} (الأحقاف: 26) ههنا خص مكانا لهم دون مكان. وأما في ذي القرنين فذكر التمكين له في الأرض، لم يخص ناحية منها دون ناحية؛ فهو أن ملكه، ومكن له الأرض كلها. وقول الحسن: إنه علمه، وولى له الحكم فهذا لا يدل أنه كان نبيا؛ لأن الملوك هم الذين كانوا يتولون الجهاد والغزو في ذلك الزمان. ألا ترى إلى قوله: {ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله}؟ (البقرة: 246) إن الملوك هم الذين كانوا يتولون الجهاد والغزو والقتال في ذلك الزمان مع العدو، فعلى ذلك هذا، وقوله: {أما من ظلم فسوف نعذبه} (الكهف: 87) {وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا} (الكهف: 88) يحتمل منه إلهاما من الله تعالى أو تعليم الملك الذي كان فيه أو كان معه نبي، فأخبر له بذلك، والله أعلم.

{وآتيناه من كل شيء سببا} اختلف في ذلك:

قال بعضهم: علم المنازل أي منازل الأرض ومعالمها وآثارها.

وقال بعضهم: العلم و القوة.

وقال بعضهم: إعطاء السبب الذي به صلاح ما مكن له، وملك له مما تقع الحاجة إليه...

وأصله أنه ذكر أنه آتاه الذي به صلاح ما مكن، وملك عليه، ولم يبين ما ذلك السبب؟ فلا ندري ماذا أراد بذلك؟ والله أعلم...

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{إِنَّا مَكَنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ} يَحتمِل وجهين:

أحدهما: باستيلائه على مُلْكِها.

الثاني: بقِيامِه بمَصالحِها...

جهود الإمام الغزالي في التفسير 505 هـ :

قال في أعظم ملوك الأرض ذي القرنين: {إِنَّا مَكَّنَّا له في الأرضِ} فلم يكن جميعُ مُلْكِه وسَلْطَنَتِه إلا بتمكينِ الله تعالى إيّاه في جُزْءٍ مِن الأرضِ. [الإحياء: 4/322]...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{مِن كُلّ شيء} أي من أسباب كل شيء، أراده من أغراضه ومقاصده في ملكه {سَبَباً} طريقاً موصلاً إليه، والسبب ما يتوصل به إلى المقصود من علم أو قدرة أو آلة...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{وآتيناه من كل شيء سبباً} معناه علماً في كل أمر، وأقيسة يتوصل بها إلى معرفة الأشياء، وقوله {كل شيء} عموم، معناه الخصوص في كل ما يمكن أن يعلمه ويحتاج إليه، وثم لا محالة أشياء لم يؤتَ منها سبباً يعلمها به...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كانت قصته من أدل دليل على عظمة الله، جلاها في ذلك المظهر فقال: {إنا} مؤكداً لأن المخاطبين بصدد التعنت والإنكار {مكنا} أي بما لنا من العظمة، قيل: بالملك وحده، وقيل مع النبوة، لأن ما ينسب إلى الله تعالى على سبيل الامتنان والإحسان جدير بأن يحمل على النهاية لا سيما إذا عبر عنه بمظهر العظمة {له في الأرض} مكنة يصل بها إلى جميع مسلوكها، ويظهر بها على سائر ملوكها {وءاتيناه} بعظمتنا {من كل شيء} يحتاج إليه في ذلك {سبباً} قال أبو حيان: وأصل السبب الحبل، ثم توسع فيه حتى صار يطلق على ما يتوصل به إلى المقصود...

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ في الأرض} شُروعٌ في تلاوة الذِّكْر المعهودِ حسبما هو الموعودُ، والتمكينُ هاهنا: الإقدارُ..، يقال: مَكَّنَه ومَكَّنَ له ومعنى الأولِ جَعَله قادراً وقوياً، ومعنى الثاني جَعَل له قدرةً وقوةً، ولِتلازُمِهما في الوجود وتقارُبِهما في المعنى يُستعمَل كلٌّ منهما في مَحَلّ الآخَر...

محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :

{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ} أي بالقوة والرأي والتدبير والسعة في المال والاستظهار بالعدد وعظم الصيت وكبر الشهرة...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(إِنَّا مَكَّنَّا له في الأرضِ وآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً).. لقد مَكَّنَ اللهُ له في الأرض، فأعطاه سلطانا وطيدَ الدّعائمِ؛ ويَسَّرَ له أسبابَ... البِناء والعُمْران... والمَتاعِ.. وسائر ما هو مِن شأن البَشر أن يُمَكَّنوا فيه في هذه الحياة...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

التمكين: جعل الشيء متمكناً، أي راسخاً، وهو تمثيل لقوّة التصرف بحيث لا يزعزع قوته أحد. وحق فعل (مكنّا) التعدية بنفسه، فيقال: مكّناه في الأرض كقوله {مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم} [الأنعام: 6]. اللام في قوله: {مَكَّنَّا لَهُ في الأَرْضِ} للتوكيد كاللام في قولهم: شكرت له، ونصحت له، والجمْع بينهما تفنن. وعلى ذلك جاء قوله تعالى: {مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم} [الأنعام: 6]. فمعنى التمكين في الأرض إعطاء المقدرة على التصرف. والمراد بالأرض أهل الأرض، والمراد بالأرض أرض معينة وهي أرض مُلكه. وتقدم عند قوله تعالى: {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض} [يوسف: 56]...

التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :

لَقب "ذي القرنين "الذي يَظهَر أنه لَقَبٌ مُشترَكٌ بين عدة أشخاص لم يُطلقه كتابُ الله على الإسكندر المقدوني، اليوناني الأصل، والوثني العقيدة، الذي هو أحد مَن اشتَهروا بهذا اللقب، بل هو شخصٌ آخَرُ تَحَدَّث كتابُ الله عما آتاهُ مِن نَصْرٍ وتمكينٍ، حتى امتَدَّ نفوذُه من المغرب إلى المشرق، ونَصَّتِ الآياتُ الكريمةُ على... امتنانِ الله عليه وتنويهِه بشأنه، إذ قال تعالى: {إِنَّا مَكَّنَّا له في الأرضِ وآتَيْنَاهُ مِن كلِّ شيءٍ سَبَباً}، والتَّمْكينُ والتَّوفيقُ، إنما ينالُهما عبادُه الصالحون... قولُه تعالى: {وآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شيءٍ سَبَباً} بعدَ قولِه: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ في الأرضِ} إشارةٌ إلى أنّ التّمْكينَ في الأرض، أيَّ أرضٍ كانت، واستقرارَ السُّلطانِ فيها، إنما يَتِمّ عند توافُر الأسباب والعواملِ الضرورية له، ويُفهَم من هذا أنه مَتَى اخْتَلَّ سببٌ من تلك الأسباب أو عاملٌ من تلك العوامل، وَقَعَ مِن الخَلَل بِحَسَبِه، وعلى قَدْرِ أهمِّيّتِه، وعلى رأس تلك الأسباب والعوامل: الإيمانُ بالله، وإقامةُ العَدْلِ بين الناس، ومُقاومةُ الفسادِ ورَدْعُ المُفْسدين، وهذه الأسبابُ والعواملُ كلُّها توفَّرت في ذي القرنين، طِبْقاً لِمَا حَكاه كِتابُ اللهِ في قِصّتِه...

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

فالتمكين يعني إعطاءه إمكانات لكل غرض يريده فيصرف به الأمور، لكن لماذا مكناه؟ مكناه لأنه مأمون على تصريف الأمور وفق منهج الله، ومأمون على ما أعطاه الله من إمكانات...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{مَكَّنَّا لَهُ}: جعلنا له قوّة وسلطاناً. {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرْضِ} فأعطيناه من القوة والسلطة والسيطرة، {وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً} من الوسائل الفكرية والروحية والمادية، ومن القوى البشرية المتعاونة معه، المؤيّدة له، ومن المواقع المتقدمة في ساحات الصراع الواسعة على مستوى العالم الذي يحيط به...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

وفي استئناف الحديث عن ذي القرنين يقول تعالى: (إِنَّا مكنّا لهُ في الأرض). أي منحناه سُبل القوة والقدرة والحكم. (وآتيناه مِن كل شيء سبباً). بالرغم من أنّ مفهوم (السبب) يعني الحبل المستخدم في تسلُّق النخيل، إلا أن بعض المفسّرين يحصره في الوسائل المستخدمة في إِنجاز الأعمال، إِلاَّ أنَّ الواضح مِن مفهوم الآية أنَّ الكلمة المذكورة يُراد مِنها معناها ومفهومها الواسع، حيث إنَّ الله تبارك وتعالى منحَ ذا القرنين أسباب الوصول لكل الأشياء: العقل، العلم الكافي، الإِدارة السليمة، القوّة والقدرة، الجيوش والقوى البشرية، بالإِضافة إلى الإِمكانات المادية. أي إِنَّهُ مُنحَ كل الأسباب والسبُل المادية والمعنوية الكفيلة بتحقيق الأهداف المنشودة...