فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا} (84)

{ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ( 84 ) فَأَتْبَعَ سَبَبًا ( 85 ) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ( 86 ) قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا ( 87 ) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ( 88 ) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا ( 89 ) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا ( 90 ) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ( 91 ) } .

ثم شرع سبحانه في بيان ما أمر به رسوله أن يقوله لهم من أنه سيتلو عليهم منه ذكرا فقال { إنا مكنا له في الأرض } أي أقدرناه بما مهدنا له من الأسباب فجعلنا له مكنة وقدرة على التصرف فيها وسهل عليه المسير في مواضعها وذلّل له طرقها حتى تمكن منها أين شاء وكيف شاء ، ومن جملة تمكينه فيها أن جعل الله الليل والنهار عليه سواء في الإضاءة { وآتيناه من كل شيء } مما يتعلق بمطلوبه أو ما يحتاج إليه الخلق { سببا } أي طريقا يتوصل بها إلى ما يريده كآلات السير وكثرة الجند واستقصاء بقاع الأرض والوصول إلى عين الحياة ، وقال ابن عباس : سببا أي علما وقال أيضا : بلاغا إلى حيث أراد .

قال المفسرون : والمعنى طريقا تؤديه إلى مغرب الشمس قاله الزجاج : وقيل من كل شيء يستعين به الملوك من فتح المدائن وقهر الأعداء وأصل السبب الحبل فاستعير لكل ما يتوصل به إلي شيء .