غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا} (84)

83

وعن علي رضي الله عنه : سخر له السحاب ومدت له الأسباب وبسط له النور وأحب الله وأحبه . وسأله ابن الكواء وكان من أصحابه ما ذو القرنين أملك أم نبي ؟ فقال : ليس بملك ولا نبي ولكن كان عبداً صالحاً ضرب على قرنه الأيمن في طاعة الله أي في جهاده فمات ، ثم بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات فبعثه الله فسمي ذا القرنين وفيكم مثله يعني نفسه . قالوا : وكان ذو القرنين يدعو الناس إلى التوحيد فيقتلونه فيحييه الله . وقيل : كان نبياً لقوله تعالى : { إنا مكنا له في الأرض } والتمكين المعتد به هو النبوة ، ولقوله { وآتيناه من كل شيء سبباً } وظاهره العموم فيكون قد نال أسباب النبوّة ، ولقوله : { قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب } وتكليم الله بلا واسطة لا يصلح إلا للنبي . وقيل : كان ملكاً من الملائكة عن عمر أنه سمع رجلاً يقول : يا ذا القرنين : فقال : اللَّهم غفراً أما رضيتم أن تسموا بأسماء الأنبياء حتى تسميتم بأسماء الملائكة .

قوله : { سأتلوا عليكم } أي سأفعل هذا إن وفقني الله تعالى وأنزل فيه وحياً . والخطاب في { عليكم } للسائلين وهم اليهود أو قريش كأبي جهل وأضرابه { وآتيناه من كل شيء سبباً } طريقاً موصلاً إليه . والسبب في اللغة هو الحبل والمراد ههنا كل ما يتوصل به إلى المقصود من علم أو قدرة أو آلة . وذلك أنه أراد بلوغ المغرب فأتبع سبباً وصله إليه ، وكذلك أراد المشرق فاتبع سبباً موصلاً إليه ، وأراد بلوغ السدين فأتبع سبباً أدى إليه .

/خ110