تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِن كُلِّ شَيۡءٖ سَبَبٗا} (84)

الآية 84 : والأشبه أن يكون أنه كان ملكا . ألا ترى أنه قال : { إنا مكنا له في الأرض } ؟ ( أي ملكنا له في الأرض ){[11799]}جملة . ذكر تمكين الأرض له جملة ، يصنع فيها ما يشاء ، لم يخص له ناحية منها دون ناحية ، وليس كقوله : { أولم نمكن لهم حرما آمنا } الآية( القصص : 57 ) وكقوله : { ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه }( الأحقاف : 26 ) ههنا خص مكانا لهم دون مكان . وأما في ذي القرنين فذكر{[11800]} التمكين له في الأرض ، لم يخص ناحية منها دون ناحية ؛ فهو أن ملكه ، ومكن ( له ){[11801]} الأرض كلها .

وقول الحسن : إنه{[11802]} علمه ، وولى له الحكم فهذا لا يدل أنه كان نبيا ؛ لأن الملوك هم الذين كانوا يتولون الجهاد والغزو في ذلك الزمان .

ألا ترى إلى قوله : { ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله } ؟ ( البقرة : 246 ) إن الملوك هم الذين كانوا يتولون الجهاد والغزو والقتال في ذلك ( الزمان ){[11803]} مع العدو ، فعلى ذلك هذا ، وقوله : { أما من ظلم فسوف نعذبه } ( الكهف : 87 ) { وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا }( الكهف : 88 ){[11804]} يحتمل منه إلهاما{[11805]} من الله تعالى أو تعليم الملك الذي كان فيه أو كان معه نبي ، فأخبر له بذلك ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وآتيناه من كل شيء سببا } اختلف في ذلك : قال بعضهم : علم المنازل أي{[11806]} منازل الأرض ومعالمها وآثارها وقال ( بعضهم ){[11807]} : العلم و القوة . وقال بعضهم : إعطاء السبب الذي به صلاح ما مكن له ، وملك له ( مما تقع ){[11808]} الحاجة إليه . وقال بعضهم : ذلك السبب ، كان أنعاما ، كان عليها يحمل الخشب ، فيتخذ منه سفينة إن استقبله بحر ، فيعبر بها ، ثم ينقضها ، ويحمل الخشب على الأنعام ، ويعبر البر على الدواب . فذلك السبب الذي ذكر .

وأصله أنه ذكر أنه آتاه الذي به صلاح ما مكن ، وملك عليه ، ولم يبين ما ذلك السبب ؟ فلا ندري ماذا أراد بذلك ؟ والله أعلم .


[11799]:من م، في الأصل: له.
[11800]:الفاء ساقطة من الأصل و.م.
[11801]:ساقطة من الأصل و.م.
[11802]:من م، في الأصل: إن.
[11803]:ساقطة من الأصل و.م.
[11804]:في الأصل و.م: كذا.
[11805]:في الأصل و.م: إلهام.
[11806]:في الأرض و.م: أن.
[11807]:ساقطة من الأصل و.م.
[11808]:من م، ساقطة من الأصل.