والحال أنه ليس لهم بذلك علم ، لا عن الله ، ولا عن رسوله ، ولا دلت على ذلك الفطر والعقول ، بل العلم كله دال على نقيض قولهم ، وأن الله منزه عن الأولاد والصاحبة ، لأنه الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، وأن الملائكة كرام مقربون إلى الله ، قائمون بخدمته { لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } والمشركون{[897]} إنما يتبعون في ذلك القول القبيح ، وهو{[898]} الظن الذي لا يغني من الحق شيئا ، فإن الحق لا بد فيه من اليقين المستفاد من الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة .
وهذا التعقيب الأخير يوحي بعلاقة اللات والعزى ومناة بأسطورة أنوثة الملائكة ونسبتهم إلى الله سبحانه ! وهي أسطورة واهية ، لا يتبعون فيها إلا الظن . فليس لهم من وسيلة لأن يعلموا شيئا مستيقنا عن طبيعة الملائكة . فأما نسبتهم إلى الله . فهي الباطل الذي لا دليل عليه إلا الوهم الباطل ! وكل هذا لا يغني من الحق ، ولا يقوم مقامه في شيء . الحق الذي يتركونه ويستغنون عنه بالأوهام والظنون !
{ وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم }أي : ليس لهم علم صحيح يصدق ما قالوه ، بل هو كذب وزور وافتراء ، وكفر شنيع . { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا } أي : لا يجدي شيئا ، ولا يقوم أبدا مقام الحق . وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث " {[27673]} .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{وما لهم به} بذلك {من علم} أنها إناث {إن يتبعون إلا الظن} يقول: ما يتبعون إلا الظن وما يستيقنون أنها إناث {وإن الظن لا يغني من الحق شيئا}...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ "يقول تعالى: وما لهم يقولون من تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى من حقيقة علم.
"إنْ يَتّبِعُونَ إلاّ الظّنّ" يقول: ما يتبعون في ذلك إلا الظنّ، يعني أنهم إنما يقولون ذلك ظنا بغير علم.
وقوله: "وَإنّ الظّنّ لا يُغْنِي مِنَ الحَقّ شَيْئا" يقول: وإن الظنّ لا ينفع من الحقّ شيئا فيقوم مقامه.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أي ما لهم بما يسمّون الملائكة تسمية الأنثى من علم، لأن العلم بمعرفة الأنثى من الذَّكر بطريقتين:
أحدهما: المشاهدة: يشاهد ويعاين، فتُعرَف الأنثى من الذّكر، وهم لم يشاهدوا الملائكة، فكيف يعرفون ذلك؟
والثاني: خبر الرسول المؤيَّد بالمعجزة، وهؤلاء قوم لا يؤمنون بالرسل، ولا يعرفون بالاستدلال طُرق العلم...
التي ذكرنا. فإن كان حصل قولهم بلا علم، ولكن على الظن، وذلك قوله تعالى: {إن يتّبعون إلا الظن} [النجم: 23] أي ما يتّبعون في قولهم الذي قالوا إلا الظن، ووجه ظنّهم ما ذكرنا. ثم أخبر أن ظنّهم {لا يُغني من الحق شيئا} فهو يخرّج على وجهين:
أحدهما: أن الظن الذي ظنوا لا يدفع عنهم ما عليهم من اتّباع الحق ولزومه. والثاني: أن ظنهم الذي ظنوا في الدنيا لا يدفع عنهم ما لزمهم من العذاب في الآخرة...
تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
يعني إنما يدرك الحق الذي هو حقيقة الشيء وما هو عليه بالعلم والتيقن لا بالظنّ والتوهم.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{إن الظن لا يغني من الحق شيئاً} أي في المعتقدات، المواضع التي يريد الإنسان أن يحرر ما يعقل ويعتقد فإنها مواضع حقائق لا تنفع الظنون فيها، وأما في الأحكام وظواهرها فيجتزى فيها بالظنونات...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وهذا التعقيب الأخير يوحي بعلاقة اللات والعزى ومناة بأسطورة أنوثة الملائكة ونسبتهم إلى الله سبحانه! وهي أسطورة واهية، لا يتبعون فيها إلا الظن.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
واستعير الاتّباع للأخذ بالشيء واعتقاد مقتضاه أي ما يأخذون في ذلك إلا بدليل الظن المخطئ.وأطلق الظن على الاعتقاد المخطئ كما هو غالب إطلاقه مع قرينة قوله عقبه {وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً} وتقدم نظيره آنفاً. وأظهر لفظ {الظن} دون ضميره لتكون الجملة مستقلة بنفسها فتسير مسير الأمثال. ونفي الإِغناء معناه نفي الإِفادة، أي لا يفيد شيئاً من الحق فحرف {مِن} بيان وهو مقدم على المبينَّ أعني شيئاً. والمعنى: أن الحق حقائق الأشياء على ما هي عليه وإدراكها هو العلم {المعرف بأنه تصور المعلوم على ما هو عليه} والظن لا يفيد ذلك الإِدراك بذاته فلو صادف الحق فذلك على وجه الصدفة والاتفاق، وخاصة الظن المخطئ كما هنا.
{وَمَا لَهُم بِهِ..} ما لهم بهذا القول {مِنْ عِلْمٍ..}..
وفي موضع آخر قال سبحانه: { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً } [الكهف: 51].
إذن: لا علمَ عندهم بخلق الملائكة، فهم في هذا الادعاء كاذبون يقولون ما لا يعلمون، والمسألة أنهم يتبعون في هذه القضية ظنهم الباطل، ظنوا الملائكة إناثاً لوجود تاء التأنيث في الملائكة.
{وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً} أي: أن ظنهم هذا ظنٌّ باطل لا يمتُّ إلى الحقيقة بصلة ولا يغني عنها، والحق في هذه المسألة ما أخبرنا الله به، لأنه خالقهم والأعلم بهم، فالظن لا يحلُّ أبداً محلّ العلم القاطع البَيِّن.
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري 1439 هـ :
من الهداية: -أكثر الفساد في الأرض هو نتيجة الجهل وعدم العلم اليقيني.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.