السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّۖ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡـٔٗا} (28)

{ وما } أي : والحال أنهم ما { لهم به } أي : بما يقولون ، وقيل : الضمير يعود إلى ما تقدّم من عدم قبول الشفاعة وقيل : يعود إلى الله تعالى أي ما لهم بالله تعالى { من علم } ثم بين تعالى الحامل لهم على ذلك بقوله تعالى : { إن } أي : ما { يتبعون } أي بغاية ما يكون من شهوة النفس في ذلك وغيره { إلا الظن } أي الذي يتخيلونه { وإن } أي : والحال أن { الظن } أي : مطلقاً في هذا وفي غيره ، ولذلك أظهر في موضع الإضمار { لا يغني } أي إغناء مبتدأ { من الحق } أي : الأمر الثابت في نفس الأمر الذي هو حقيقة الشيء وذاته بحيث يكون الظن بدله والظن إنما يعتبر في العمليات لا في العلميات ولاسيما الأصولية { شيئاً } أي : من الإغناء عن أحد من الخلق فإنه لا يؤدّي أبداً إلى الجزم بالعلم بالشيء على ما هو عليه في نفس الأمر فهو ممنوع في أصول الدين ، فإنّ المقصود فيها تحقيق الأمر على ما هو عليه في الواقع ، وأما الفروع فإنّ المكلف به فيها هو الظن لكن بشرطه المأذون فيه وهو ردّه إلى الأصول المستنبط منها ، لعجز الإنسان عن القطع في جميع الفروع تنبيهاً على عجزه وافتقاره إلى الله تعالى ليقبل عليه ويتبرأ من حوله وقوّته ليكشف له عن الحقائق .