معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ثُمَّ بَعَثۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِم مُّوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَظَلَمُواْ بِهَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (103)

قوله تعالى : { ثم بعثنا من بعدهم } ، أي : من بعد نوح وصالح وشعيب .

قوله تعالى : { موسى بآياتنا } ، بأدلتنا .

قوله تعالى : { إلى فرعون وملئه فظلموا بها } فجحدوا بها ، والظلم : وضع الشيء في غير موضعه ، وظلمهم وضع الكفر موضع الإيمان .

قوله تعالى : { فانظر كيف كان عاقبة المفسدين } ، وكيف فعلنا بهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ بَعَثۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِم مُّوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَظَلَمُواْ بِهَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (103)

103 - 171 ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ . . . .

إلى آخر قصته{[322]} .

أي : ثم بعثنا من بعد أولئك الرسل موسى الكليم ، الإمام العظيم ، والرسول الكريم ، إلى قوم عتاة جبابرة ، وهم فرعون وملؤه ، من أشرافهم وكبرائهم ، فأراهم من آيات اللّه العظيمة ما لم يشاهد له نظير فَظَلَمُوا بِهَا بأن لم ينقادوا لحقها الذي من لم ينقد له فهو ظالم ، بل استكبروا عنها . فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ كيف أهلكهم اللّه ، وأتبعهم الذم واللعنة في الدنيا ويوم القيامة ، بئس الرفد المرفود ، وهذا مجمل فصله بقوله : وَقَالَ مُوسَى . .


[322]:- في ب: أورد الآيات كاملة.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ بَعَثۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِم مُّوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَظَلَمُواْ بِهَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (103)

103

( ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه ، فظلموا بها ، فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ) . .

بعد تلك القرى وما حل بها وبالمكذبين من أهلها ، كانت بعثة موسى . . والسياق يعرض القصة من حلقة مواجهة فرعون وملئه بالرسالة ، ثم يعجل بالكشف عن خلاصة استقبالهم لها . كما يعجل بالإشارة إلى العاقبة التي انتهوا إليها . لقد ظلموا بهذه الآيات - أي كفروا وجحدوا - والتعبير القرآني يكثر من ذكر كلمة " الظلم " وكلمة " الفسق " في موضع كلمة " الكفر " أو كلمة " الشرك " . وهذه من تلك المواضع التي يكثرورودها في التعبير القرآني . ذلك أن الشرك أو الكفر هو أقبح الظلم ، كما أنه كذلك هو أشنع الفسق . . والذين يكفرون أو يشركون يظلمون الحقيقة الكبرى - حقيقة الألوهية وحقيقة التوحيد - ويظلمون أنفسهم بإيرادها موارد الهلكة في الدنيا والآخرة . ويظلمون الناس بإخراجهم من العبودية لله الواحد إلى العبودية للطواغيت المتعددة والأرباب المتفرقة . . وليس بعد ذلك ظلم . . ومن ثم فالكفر هو الظلم ( والكافرون هم الظالمون ) كما يقول التعبير القرآني الكريم . . وكذلك الذي يكفر أو يشرك إنما يفسق ويخرج عن طريق الله وصراطه المستقيم إلى السبل التي لا تؤدي إليه - سبحانه - إنما تؤدي إلى الجحيم !

ولقد ظلم فرعون وملؤه بآيات الله : أي كفروا بها وجحدوا .

( فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ) . .

وهذه العاقبة ستجيء في السياق عن قريب . . أما الآن فننظر كذلك في مدلول كلمة : ( المفسدين ) وهي مرادف لكلمة( الكافرين ) أو( الظالمين ) في هذا الموضع . . إنهم ظلموا بآيات الله : أي كفروا بها وجحدوا .

فانظر كيف كان عاقبة( المفسدين )هؤلاء .

إنهم مفسدون لأنهم ( ظلموا )- أي " كفروا وجحدوا " . . ذلك أن الكفر هو أشنع الفساد . وأشنع الإفساد . . إن الحياة لا تستقيم ولا تصلح إلا على أساس الإيمان بالله الواحد ، والعبودية لإله واحد . . وإن الأرض لتفسد حين لا تتمحض العبودية لله في حياة الناس . . إن العبودية لله وحده معناها أن يكون للناس سيد واحد ، يتوجهون إليه بالعبادة وبالعبودية كذلك ، ويخضعون لشريعته وحدها فتخلص حياتهم من الخضوع لأهواء البشر المتقلبة ، وشهوات البشر الصغيرة ! . . إن الفساد يصيب تصورات الناس كما يصيب حياتهم الاجتماعية حين يكون هناك أرباب متفرقون يتحكمون في رقاب العباد - من دون الله - وما صلحت الأرض قط ولا استقامت حياة الناس إلا أيام أن كانت عبوديتهم لله وحده - عقيدة وعبادة وشريعة - وما تحرر " الإنسان " قط إلا في ظلال الربوبية الواحدة . . ومن ثم يقول الله سبحانه عن فرعون وملئه :

( فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ) . .

وكل طاغوت يخضع العباد لشريعة من عنده ، وينبذ شريعة الله ، هو من( المفسدين )الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ثُمَّ بَعَثۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِم مُّوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَظَلَمُواْ بِهَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (103)

يقول تعالى : { ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ } أي : الرسل المتقدم ذكرهم ، كنوح ، وهود ، وصالح ، ولوط ، وشعيب ، صلوات الله وسلامه عليهم وعلى سائر أنبياء الله أجمعين . { مُوسَى بِآيَاتِنَا } أي : بحججنا ودلائلنا البينة إلى { فِرْعَوْنَ } وهو ملك مصر في زمن موسى ، { وَمَلَئِهِ } أي : قومه ، { فَظَلَمُوا بِهَا } أي : جحدوا وكفروا بها ظلما منهم وعنادا ، كقوله تعالى{[11992]} { وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ } [ النمل : 14 ] أي : الذين صدوا عن سبيل الله وكذبوا رسله ، أي : انظر - يا محمد - كيف فعلنا بهم ، وأغرقناهم عن آخرهم ، بمرأى من موسى وقومه . وهذا أبلغ في النكال بفرعون وقومه ، وأشفى لقلوب أولياء الله - موسى وقومه - من المؤمنين به{[11993]} .


[11992]:في ك، م، أ: "كما قال تعالى".
[11993]:في أ: "وقومه المؤمنين".