محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ثُمَّ بَعَثۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِم مُّوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَظَلَمُواْ بِهَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (103)

[ 103 ] { ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملإيه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ( 103 ) } .

{ ثم بعثنا من بعدهم } أي : الرسل المتقدم ذكرهم ، وهم نوح وهود وصالح ولوط/ وشعيب ، أو الأمم المحكية من بعد هلاكهم { موسى بآياتنا } وهي العصا ، واليد البيضاء ، والسنون ، ونقص الثمرات ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، حسبما يأتي مفصلا { إلى فرعون } وهو ملك مصر في عهد موسى { وملإيه } أي قومه { فظلموا بها } أي كفروا بها . أجرى الظلم مجرى الكفر في تعديته بالباء ، وإن كان يتعدى بنفسه ، لأنهما من واد واحد . { إن الشرك لظلم عظيم }{[4177]} . أو هو بمعنى الكفر مجازا أو تضمينا ، أي : كفروا بها واضعين الكفر غير موضعه ، وهو موضع الإيمان ، لأنه أوتي الآيات لتكون موجبة للإيمان بما جاء به . فعكسوا ، حيث كفروا فوضعوا الشيء في غير موضعه . أو الباء سببية ، ومفعوله محذوف ، أي ظلموا أنفسهم بسببها ، بأن عرضوها للعذاب الخالد . أو ظلموا الناس لصدّهم عن الإيمان بها ، والمراد به الاستمرار على الكفر بها إلى أن لقوا من العذاب ما لقوا ، كما يشير له قوله تعالى : { فانظر كيف كان عاقبة المفسدين } أي لعقائد الخلق ، أفسد الله علهيم ملكهم ، وآتاه أعداءهم ، فأغرقهم عن آخرهم ، بمرأى من موسى وقومه .


[4177]:- [31/ لقمان/ 13].