فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ثُمَّ بَعَثۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِم مُّوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَظَلَمُواْ بِهَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (103)

قوله : { ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم موسى } أي من بعد نوح وهود وصالح ولوط وشعيب : أي ثم أرسلنا موسى بعد إرسالنا لهؤلاء الرسل . وقيل : الضمير في { مّن بَعْدِهِمْ } راجع إلى الأمم السابقة ، أي من بعد إهلاكهم { إلى فِرْعَوْنَ وملئه } فرعون هو لقب لكل من يملك أرض مصر بعد العمالقة . وملأ فرعون : أشراف قومه ، وتخصيص الذكر مع عموم الرسالة لهم ولغيرهم ، لأن من عداهم كالأتباع لهم . قوله : { فَظَلَمُواْ بِهَا } أي كفروا بها . وأطلق الظلم على الكفر ، لكون كفرهم بالآيات التي جاء بها موسى كان كفراً متبالغاً ، لوجود ما يوجب الإيمان من المعجزات العظيمة التي جاءهم بها . والمراد بالآيات هنا : هي الآيات التسع . أو معنى : { فَظَلَمُواْ بِهَا } ظلموا الناس بسببها لما صدّوهم عن الإيمان بها ، أو ظلموا أنفسهم بسببها { فانظر كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين } أي المكذبين بالآيات الكافرين بها ، وجعلهم مفسدين ، لأن تكذيبهم وكفرهم من أقبح أنواع الفساد .

/خ122