الآية 103 وقوله تعالى : { ثم بعثنا من بعدهم موسى } يحتمل قوله { ثم بعثنا من } بعد هلاك قرون{[8738]} كثيرة { موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه } يحتمل قوله { بآياتنا } حججنا ، ثم يحتمل حجج وحدانية الله وألوهيّته ، ويحتمل آيات رسالته ونبوّته ، وعلى قول الحسن { بآياتنا } ديننا ، وعلى ذلك يتناول جميع الآيات التي ذكرت في القرآن .
وقوله تعالى : { إلى فرعون وملئه } إن موسى كان مبعوثا إليهم جميعا إلى فرعون والملإ والأتباع{[8739]} جميعا ، لا إنه كان مبعوثا إلى فرعون وملئه خاصة دون الأتباع . وكذلك ذكر في أمكنة{[8740]} أخر إلى فرعون خاصة ، وهو بعث إليهم جميعا .
لكن يخرّج تخصيص ما ذكر لهؤلاء{[8741]} القادة ، والله أعلم ، لما أن الذي ينازع الأنبياء والرسل هم الكبراء والرؤساء دون الأتباع والسفلة . والأتباع هم الذين يصدرون{[8742]} لآراء الكبراء ، ويتبعونهم في ما يدعونهم إليه . وعلى ذلك سمّي{[8743]} الكبراء والرؤساء أضداد الرسل ، وإلا كان موسى مبعوثا إليهم جميعا الوضيع منهم والرفيع .
وقوله تعالى : { فظلموا بها } قال بعضهم : { فظلموا بها } أي ظلموا الآيات والحجج التي أتى بها موسى إلى فرعون وقومه . سمّي [ ذلك ]{[8744]} ظلما لأنهم سمّوا تلك الآيات سحرا بعد ما عرفوا أنها منزّلة من الله ، فوضعوها [ في ]{[8745]} غير موضعها . والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه .
وقال قائلون : قوله تعالى : { فظلموا بها } أي ظلموا نعم الله التي أنعمها عليهم حين{[8746]} عبدوا غيره ، فصرفوا شكر تلك النعم إلى غير الذي أنعمها عليهم ؛ فذلك ظلم : شكروا من لم ينعم عليهم ، وصرفوا [ الشكر ]{[8747]} عمّن أنعم عليهم ، والله أعلم .
ويحتمل ظلموا الأتباع بتلك الآيات حين{[8748]} منعوهم عن اتباع الرسول ، واستتبعوهم . أو يقول : ظلموا بها{[8749]} أنفسهم حين تركوا اتّباعها .
وقوله تعالى : { فانظر كيف كان عاقبة المفسدين } هذا الخطاب في الظاهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان المراد بالخطاب غيره ؛ أمر كلاّ بالنظر في عاقبة المفسدين لما حل بفسادهم ؛ لأن من نظر في عاقبة ما حل بمعصية أو فساد يمتنع عن مثله .
وأمكن أن يكون الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لوجهين :
أحدهما : لما له بما حل بهم بعض التّسلي لأذاهم إياه ؛ لأن من توهّم حلول الهلاك على عدوّه في العاقبة صبر على أذاه ، ويكون له بعض التسلي في ذلك .
والثاني{[8750]} : ينبئهم بما يحل بهم في العاقبة ليمتنعوا عما يرتكبون{[8751]} من المعاصي ، لأن ذلك أزجر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.