معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ قَالُواْ لِإِخۡوَٰنِهِمۡ وَقَعَدُواْ لَوۡ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُواْۗ قُلۡ فَٱدۡرَءُواْ عَنۡ أَنفُسِكُمُ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (168)

قوله تعالى : { الذين قالوا لإخوانهم } . في النسب لا في الدين وهم شهداء أحد .

قوله تعالى : { وقعدوا } . يعني قعد هؤلاء القائلون عن الجهاد .

قوله تعالى : { لو أطاعونا } . وانصرفوا عن محمد صلى الله عليه وسلم وقعدوا في بيوتهم .

قوله تعالى : { ما قتلوا قل } . لهم يا محمد .

قوله تعالى : { فادرؤوا } . فادفعوا .

قوله تعالى : { عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين } . إن الحذر يغني عن القدر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ قَالُواْ لِإِخۡوَٰنِهِمۡ وَقَعَدُواْ لَوۡ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُواْۗ قُلۡ فَٱدۡرَءُواْ عَنۡ أَنفُسِكُمُ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (168)

ثم قال تعالى : { الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا } أي : جمعوا بين التخلف عن الجهاد ، وبين الاعتراض والتكذيب بقضاء الله وقدره ، قال الله ردًّا عليهم : { قل فادرءوا } أي : ادفعوا { عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين } إنهم لو أطاعوكم ما قتلوا ، لا تقدرون على ذلك ولا تستطيعونه .

وفي هذه الآيات دليل على أن العبد قد يكون فيه خصلة كفر وخصلة إيمان ، وقد يكون إلى أحدهما أقرب منه إلى الأخرى .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ قَالُواْ لِإِخۡوَٰنِهِمۡ وَقَعَدُواْ لَوۡ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُواْۗ قُلۡ فَٱدۡرَءُواْ عَنۡ أَنفُسِكُمُ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (168)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ الّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ }

يعني تعالى ذكره بذلك : وليعلم الله الذين نافقوا ، الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا . فموضع «الذين » نصب على الإبدال من «الذين نافقوا » ، وقد يجوز أن يكون رفعا على الترجمة عما في قوله : { يَكْتُمُوْنَ } من ذكر «الذين نافقوا » فمعنى الاَية : وليعلم الله الذين قالوا لإخوانهم الذين أصيبوا مع المسلمين في حربهم المشركين بأُحد يوم أُحد ، فقتلوا هنالك من عشائرهم وقومهم ، { وقَعَدُوا } يعني : وقعد هؤلاء المنافقون القائلون ما قالوا مما أخبر الله عزّ وجلّ عنهم من قيلهم عن الجهاد مع إخوانهم وعشائرهم في سبيل الله : { لو أَطاعُونَا } يعني : لو أطاعنا من قتل بأُحد من إخواننا وعشائرنا { ما قُتِلُوا } يعني : ما قتلوا هنالك . قال الله عزّ وجلّ لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء القائلين هذه المقالة من المنافقين : فادرءوا ، يعني : فادفعوا من قول القائل : درأت عن فلان القتل ، بمعنى : دفعت عنه ، أدرؤه درءا ، ومنه قول الشاعر :

تَقولُ وَقدْ دَرأْتُ لهَا وَضِيِني *** أهَذَا دِينُهُ أبَدا وَدِيِني

يقول تعالى ذكره : قل لهم : فادفعوا إن كنتم أيها المنافقون صادقين في قيلكم : لو أطاعنا إخواننا في ترك الجهاد في سبيل الله مع محمد صلى الله عليه وسلم وقتالهم أبا سفيان ومن معه من قريش ، ما قتلوا هنالك بالسيف ، ولكانوا أحياء بقعودهم معكم وتخلفهم عن محمد صلى الله عليه وسلم وشهود جهاد أعداء الله معه¹ الموت ، فإنكم قد قعدتم عن حربهم ، وقد تخلفتم عن جهادهم ، وأنتم لا محالة ميتون . كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { الّذِينَ قالُوا لإخْوَانِهِمْ } الذين أصيبوا معكم من عشائرهم وقومهم : { لَوْ أطاعُونا ما قُتِلُوا } . . . الاَية : أي أنه لا بد من الموت ، فإن استطعتم أن تدفعوه عن أنفسكم فافعلوا ، وذلك أنهم إنما نافقوا وتركوا الجهاد في سبيل الله ، حرصا على البقاء في الدنيا وفرارا من الموت .

ذكر من قال : الذين قالوا لإخوانهم هذا القول هم الذين قال الله فيهم : { وَلِيَعْلَمَ الّذِينَ نافَقُوا } .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { الّذِينَ قالُوا لإخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أطاعُونا ما قُتِلُوا } . . . الاَية ، ذكر لنا أنها نزلت في عدوّ الله عبد الله بن أبيّ .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدّيّ ، قال : هم عبد الله بن أبيّ وأصحابه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : هو عبد الله بن أبيّ الذي قعد وقال لإخوانه الذين خرجوا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم أُحد : { لَوْ أطاعُونا ما قُتِلُوا } . . . الاَية . قال ابن جريج عن مجاهد ، قال : قال جابر بن عبد الله : هو عبد الله بن أبيّ ابن سلول .

حدثت عن عمار ، عن ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قوله : { الّذِينَ قالُوا لإخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا } . . . الاَية ، قال : نزلت في عدوّ الله عبد الله بن أبيّ .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ قَالُواْ لِإِخۡوَٰنِهِمۡ وَقَعَدُواْ لَوۡ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُواْۗ قُلۡ فَٱدۡرَءُواْ عَنۡ أَنفُسِكُمُ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (168)

قوله : { الذين قالوا لإخوانهم } بدل من { الذين نافقوا } ، أو صفة له ، إذا كان مضمون صلته أشهر عند السامعين ، إذ لعلّهم عُرفوا من قبل بقولهم فيما تقدّم { لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا } فذُكِر هنا وصفاً لهم ليتميّزُوا كمال تمييز . واللام في ( لإخوانهم ) للتعليل وليست للتعدية ، قالوا : كما هي في قوله : { وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض } [ آل عمران : 156 ] .

والمراد بالإخوان هنا عين المراد هناك ، وهم الخزرج الذين قتلوا يوم أُحُد ، وهم من جلّة المؤمنين .

وجملة { وقعدوا } حال معترَضة ، ومعنى لو أطاعونا أي امتثلوا إشارتنا في عدم الخروج إلى أُحُد ، وفعلوا كما فعلنا ، وقرأ الجمهور : ما قُتِلوا بتخفيف التاء من القتل . وقرأه هشام عن ابن عامر بتشديد التاء من التقتيل للمبالغة في القتل ، وهو يفيد معنى تفظيعهم ما أصاب إخوانهم من القتل طعناً في طاعتهم النبي صلى الله عليه وسلم

وقوله : { قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين } أي ادرأوه عند حلوله ، فإنّ من لم يمت بالسيف مات بغيره أي : إن كنتم صادقين في أنّ سبب موت إخوانكم هو عصيان أمركم .