معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَنُمَكِّنَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنُرِيَ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنۡهُم مَّا كَانُواْ يَحۡذَرُونَ} (6)

قوله تعالى : { ونمكن لهم في الأرض } نوطن لهم في أرض مصر والشام ، ونجعلها لهم مكاناً يستقرون فيه ، { ونري فرعون } قرأ الأعمش ، وحمزة والكسائي : يرى بالياء وفتحها فرعون { وهامان وجنودهما } مرفوعات على أن الفعل لهم ، وقرأ الآخرون بالنون وضمها ، وكسر الراء ، ونصب الياء ونصب ما بعده ، بوقوع الفعل عليه ، { منهم ما كانوا يحذرون } والحذر هو : التوقي من الضرر ، وذلك أنهم أخبروا أن هلاكهم على يد رجل من بني إسرائيل فكانوا على وجل منه ، فأراهم الله ما كانوا يحذرون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَنُمَكِّنَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنُرِيَ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنۡهُم مَّا كَانُواْ يَحۡذَرُونَ} (6)

{ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ } فهذه الأمور كلها ، قد تعلقت بها إرادة اللّه ، وجرت بها مشيئته ، { و } كذلك نريد أن { نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ } وزيره { وَجُنُودَهُمَا } التي بها صالوا وجالوا ، وعلوا وبغوا { مِنْهُمْ } أي : من هذه الطائفة المستضعفة . { مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ } من إخراجهم من ديارهم ، ولذلك كانوا يسعون في قمعهم ، وكسر شوكتهم ، وتقتيل أبنائهم ، الذين هم محل ذلك ، فكل هذا قد أراده اللّه ، وإذا أراد أمرا سهل أسبابه ، ونهج طرقه ، وهذا الأمر كذلك ، فإنه قدر وأجرى من الأسباب -التي لم يشعر بها لا أولياؤه ولا أعداؤه- ما هو سبب موصل إلى هذا المقصود .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَنُمَكِّنَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنُرِيَ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنۡهُم مَّا كَانُواْ يَحۡذَرُونَ} (6)

ثم بين - سبحانه - ما اقتضته إرادته وحكمته ، من تنفيذ وعيده فى القوم الظالمين ، مهما احتاطوا وحذروا ، ومن إنقاذه للمظلومين بعد أن أصابهم من الظلم ما أصابهم فقال : { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الذين استضعفوا فِي الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوارثين وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرض وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ } .

وقوله { نَّمُنَّ } من المن بمعنى التفضل ، ومنه قوله - تعالى - : { لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى المؤمنين . . . } أى : لقد تفضل عليهم ، وأحسن إليهم .

وقوله : { وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرض } من التمكين ، وأصله : أن نجعل للشىء مكانا يستقر فيه ، ويحل به .

ثم استعير للتسليط وللحصول على القوة بعد الضعف ، وللعز بعد الذل .

وقوله : { يَحْذَرُونَ } من الحذر ، بمعنى الاحتراس والاحتراز من الوقوع فى الأمر المخيف . يقال : حذر فلان فلانا ، إذا خافه واحترس منه .

قال الشوكانى : والواو ، فى قوله { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ } للعطف على جملة ، { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأرض } لأن بينهما تناسبا من حيث إن كل واحدة منهما ، للتفسير والبيان للنبأ . ويجوز أن تكون حالا من فاعل { يَسْتَضْعِفُ } بتقدير مبتدأ . أى : ونحن نريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض . . والأول أولى .

والمعنى : لقد طغا فرعون وبغى ، ونحن بإرادتنا وقدرتنا { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ } ونتفضل على بنى إسرائيل ، الذين استضعفوا فى الأرض ، بأن ننجيهم من ظلمه ، وننقذهم من قهره وبغيه .

{ وَنَجْعَلَهُمُ الوارثين } للأرض المباركة ، التى نعطيهم إياها متى آمنوا وأصلحوا ، كما قال - تعالى - : { وَأَوْرَثْنَا القوم الذين كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأرض وَمَغَارِبَهَا التي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الحسنى على بني إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } وقوله - تعالى - : { وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرض } أى : ونجعلهم أقوياء راسخى الأقدام فى الأرض التى نورثهم إياها ، بعد القوم الظالمين .

{ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا } أى : ونطلع فرعون وهامان - وهو وزير فرعون - وجنودهما التابعين لهما { مِنْهُمْ } أى : من بنى إسرائيل المستضعفين فى الأرض { مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ } أى ما كانوا يحاولون دفعه واتقاءه ، فقد كان فرعون وجنده يقتلون الذكور من بنى إسرائيل ، خوفا من ظهور غلام منهم يكون هلاك فرعون على يده .

قال ابن كثير : أراد فرعون بحوله وقوته ، أن ينجو من موسى . فما نفعه ذلك ، بل نفذ الله - تعالى - حكمه . بأن يكون إهلاك فرعون على يد موسى ، بل يكون هذا الغلام الذى احترزت من وجوده - يا فرعون - ، وقتلت بسببه ألوفا من الولدان ، إنما منشؤه ومرباه على فراشك وفى دارك . . . وهلاكك وهلاك جندك على يديه ، لتعلم أن رب السموات العلا ، هو القاهر الغالب العظيم ، الذى ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن .

وهكذا تعلن السورة الكريمة فى مطلعها ، أن ما أراده الله - تعالى - لا بد أن يتم ، أمام أعين فرعون وجنده ، مهما احتاطوا ومهما احترسوا ، { والله غَالِبٌ على أَمْرِهِ ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ }

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَنُمَكِّنَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنُرِيَ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنۡهُم مَّا كَانُواْ يَحۡذَرُونَ} (6)

{ ونمكن لهم في الأرض } أرض مصر والشام ، وأصل التمكين أن تجعل للشيء مكانا يتمكن فيه ثم استعير للتسليط . وإطلاق الأمر . { ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم } من بني إسرائيل { ما كانوا يحذرون } من ذهاب ملكهم وهلاكهم على يد مولود منهم . وقرأ حمزة والكسائي { ويري } بالياء و{ فرعون وهامان وجنودهما } بالرفع .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَنُمَكِّنَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنُرِيَ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنۡهُم مَّا كَانُواْ يَحۡذَرُونَ} (6)

وقرأ الأعمش «ولنمكن » بلام ، وقرأ الجمهور «ونُرِيَ فرعون » بضم النون وكسر الراء وفتح الياء ونصب فرعون ، وقرأ حمزة والكسائي «ويرَى » بالياء وفتح ا لراء وسكون الياء على الفعل الماضي وإسناد الفعل إلى { فرعون } ومن بعده والمعنى ويقع فرعون وقومه وجنوده فيما خافوه وحذروه من جهة بني إسرائيل وظهورهم ، { وهامان } هو وزير فرعون وأكبر رجاله . فذكر لمحله من الكفر ولنباهته في قومه فله في هذا الموضع صغار ولعنة لا شرف .