[ الآية 6 ] وقوله تعالى : { ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون } أي يرون ما كانوا يحذرون منه ، وهو الهلاك . وذهاب الملك هذا كانوا يحذرون . فأراهم ذلك ، لأنه [ كان ]{[15218]} يذبح أبناءهم إشفاقا على بقاء ملكه ، ويحذر ذهابه .
قال الزجاج : إن من حماقة فرعون وقلة عقله أنه كان يذبح أبناءهم لقول الكهنة : إنه يذهب ملكه بغلام يولد في العام الذي قالوه يخلو : إما إن صدقوا في قولهم ، فيذهب ملكه ، و إن قتل الأبناء ، وإما إن كذبوا في قولهم فلا معنى لقتل الأبناء لأنه لا يذهب . لكنه فعل ذلك بهم لحماقته وسفهه وجهله بنفسه ، وقوله تعالى : { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض } بالنجاة من فرعون وآله واستنقاذه إياهم من يديه ومن قتل الولدان ، وغير ذلك من أنواع التعذيب والله أعلم .
وفي قوله : { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض } إلى آخر ما ذكر وجوه على المعتزلة في قولهم : إنه ليس لله أن يفعل بعباده إلا ما هو أصلح لهم في الدين [ وإن لو ]{[15219]} لم يفعل ذلك كان جائرا .
فيقال لهم : لو كان عليه فعل الأصلح لهم في دينهم على كل حال لكان لا معنى لذكر المنة على الذين استضعفوا في الأرض في جعلهم أئمة وإبقائهم في أرضهم وتمكينه إياهم في ملكهم ووراثتهم أموالهم لأنه على زعمهم فعل بهم ما عليه أن يفعل أن ذاك أصلح لهم في دينهم/395- أ/ وكل من فعل فعلا ، عليه ذلك الفعل ، لا يكون له الامتنان على المفعول به ذلك .
فدل ذكر المنة في ما ذكر أنه فعل بهم على أنه فعل ما لم يكن عليه ذلك ، ولكنه فعل ذلك مفضلا مانا{[15220]} ، وله ألا يفعل ذلك .
ويقولون أيضا أن إهلاك{[15221]} فرعون وقومه أصلح لهم من إبقائهم وكذلك إماتة{[15222]} كل كافر ، فلم يذكر فيه المنة ، دل ذلك أنه ليس على ما يقولون{[15223]} هم ، وأن ذلك منقوض مردود عليهم .
ويقولون أيضا أن الإرادة من الله لهم أمر لهم ، يأمرهم به . فلو كان أمرا على ما يزعمون لكان الأمر منه قد شمل الكل ، ثم لم يصيروا جميعا أئمة وقادة ، ولكن إنما صار بعض دون بعض .
دل أن الإرادة غير الأمر وأنه إذا أراد لأحد شيئا كان ما أراد ليس على ما يقولون : إنه أراد إيمان كل كافر ، لكنه لم يؤمن بعدما أعطاه جميع ما عنده من القوة والعون على ذلك حتى لم يبق عنده شيء من ذلك إلا وقد أعطاه . فدل ما ذكر على فساد مذهبهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.