تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَنُمَكِّنَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنُرِيَ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنۡهُم مَّا كَانُواْ يَحۡذَرُونَ} (6)

1

6- { ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون } .

لقد أراد الله –ولا راد لقضائه- أن يمكن لبني إسرائيل في أرض فلسطين وقتا ما ، ثم فتحوا فلسطين واستمر ملكهم بها فترة محدودة ، وغرق فرعون وهامان وجنودهما في ماء النيل ، وأراد الله إعزاز المؤمنين وإذلال المفسدين ، وكان فرعون يخشى من بني إسرائيل ، ويخاف من موسى وقومه ، فنصر الله موسى ، ومكّن لبني إسرائيل في الأرض ، ولم ينفع فرعون ظلمه وغشمه وقتله للأطفال الأبرياء ؛ فغرق في النيل وهلك جيشه معه . وحصل ما كان يحذره فرعون ويخاف منه ، فإن الحذر لا يمنع القدر ، قال الشاعر :

عناية الله إن تولت ضعيفا *** تعبت في مراسه الأقوياء .

وفي الأثر : عبدي ، أنت تريد وأنا أريد ، ولا يكون إلا ما أريد ، فإن سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد ، وإن لم تسلم لي فيما أريد ، أتبعتك فيما تريد ، ولا يكون إلا ما أريد .

قال تعالى : { وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون } [ الأعراف : 137 ] .

وقال سبحانه : { واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون*كم تركوا من جنات وعيون*وزروع ومقام كريم* ونعمة كانوا فيها فاكهين*كذلك وأورثناها قوما آخرين*فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين } [ الدخان : 24 -29 ] .

{ وقال جل شأنه : فأخرجناهم من جنات وعيون*وكنوز ومقام كريم*كذلك وأورثناها بني إسرائيل } [ الشعراء : 57-59 ] .

وقد ذكر المفسرون هنا أن بني إسرائيل لم يحكموا مصر ، فلعل المراد : أن الله عوضهم بما يشبه هذه النعم ، في التيه أو في فلسطين .