فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَنُمَكِّنَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنُرِيَ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنۡهُم مَّا كَانُواْ يَحۡذَرُونَ} (6)

{ ونمكن لهم في الأرض } أي نجعلهم مقتدرين عليها ، وعلى أهلها ، مسلطين على ذلك ، يتصرفون فيها كيف شاءوا ، يقال : مكن له إذا جعل له مكانا يقعد عليه ويتمكن فيه ، أو يرقد ، ثم استعير للتسلط وإطلاق الأمر ، و ( الأرض ) أرض مصر والشام .

{ ونرى فرعون ، وهامان ، وجنودهما } الفاعل هو الله سبحانه ، وقرئ ( يرى ) بالتحتية والفاعل فرعون ، والأولى ألصق بالسياق ، لأن قبلها { نريد } و { نمكن } بالنون ، وأجاز الفراء : ويرى فرعون ، أي ويرى الله فرعون ، والرؤية بصرية ، والإضافة إليهما إما للتغليب ، أو أنه كان لهامان جنود مخصوصة به ، وإن كان وزيرا ، أو لأن جند السلطان جند وزيره ، والإبصار لا يتوقف على الحياة عند أهل الحق ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في أهل القليب : ما أنتم بأسمع منهم أو المراد رؤية طلائعه وأسبابه ، وذلك حين أدركهم الغرق .

{ منهم } أي : من أولئك المستضعفين { ما كانوا يحذرون } والمعنى أن الله يريهم ، أو يرون هم الذي كانوا يخافون منه ، ويجتهدون في دفعه من ذهاب ملكهم ، وهلاكهم على يد المولود من بني إسرائيل المستضعفين والحذر التوقي من الضرر .