معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ تَزۡرَعُونَ سَبۡعَ سِنِينَ دَأَبٗا فَمَا حَصَدتُّمۡ فَذَرُوهُ فِي سُنۢبُلِهِۦٓ إِلَّا قَلِيلٗا مِّمَّا تَأۡكُلُونَ} (47)

قوله تعالى : { قال تزرعون سبع سنين دأباً } ، هذا خبر بمعنى الأمر ، يعني : ازرعوا سبع سنين على عادتكم في الزراعة . والدأب : العادة . وقيل : بجد واجتهاد وقرأ عاصم برواية حفص : دأباً بفتح الهمزة ، وهما لغتان ، يقال : دأبت في الأمر أدأب دأبا ودأبا إذا اجتهدت فيه . { فما حصدتم فذروه في سنبله } ، أمرهم بترك الحنطة في السنبلة لتكون أبقى على الزمان ولا تفسد ، { إلا قليلا مما تأكلون } ، أي : مما تدرسون قليلا للأكل ، أمرهم بحفظ الأكثر والأكل بقدر الحاجة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ تَزۡرَعُونَ سَبۡعَ سِنِينَ دَأَبٗا فَمَا حَصَدتُّمۡ فَذَرُوهُ فِي سُنۢبُلِهِۦٓ إِلَّا قَلِيلٗا مِّمَّا تَأۡكُلُونَ} (47)

فعبر يوسف ، السبع البقرات السمان والسبع السنبلات الخضر ، بأنهن سبع سنين مخصبات ، والسبع البقرات العجاف ، والسبع السنبلات اليابسات ، بأنهن سنين مجدبات ، ولعل وجه ذلك - والله أعلم - أن الخصب والجدب لما كان الحرث مبنيا عليه ، وأنه إذا حصل الخصب قويت الزروع والحروث ، وحسن منظرها ، وكثرت غلالها ، والجدب بالعكس من ذلك . وكانت البقر هي التي تحرث عليها الأرض ، وتسقى عليها الحروث في الغالب ، والسنبلات هي أعظم الأقوات وأفضلها ، عبرها بذلك ، لوجود المناسبة ، فجمع لهم في تأويلها بين التعبير والإشارة لما يفعلونه ، ويستعدون به من التدبير في سني الخصب ، إلى سني الجدب فقال : { تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا } أي : متتابعات .

{ فَمَا حَصَدْتُمْ } من تلك الزروع { فَذَرُوهُ } أي : اتركوه { فِي سُنْبُلِهِ } لأنه أبقى له وأبعد من الالتفات إليه { إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ } أي : دبروا أيضا أكلكم في هذه السنين الخصبة ، وليكن قليلا ، ليكثر ما تدخرون ويعظم نفعه ووقعه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ تَزۡرَعُونَ سَبۡعَ سِنِينَ دَأَبٗا فَمَا حَصَدتُّمۡ فَذَرُوهُ فِي سُنۢبُلِهِۦٓ إِلَّا قَلِيلٗا مِّمَّا تَأۡكُلُونَ} (47)

{ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَباً . . . }

وتزرعون ها هنا : خبر في معنى الأمر ، بدليل قوله بعد ذلك " فذروه " .

وعبر عن الأمر بالمضارع مبالغة في التعبير عن استجابتهم لنصيحته ، فكأنهم قد امتثلوا أمره ، وهو يخبر عن هذا الامتثال .

و { دأبا } مصدر دأب على الشئ إذا استمر عليه ولازمه يقال : دأب فلان على فعل هذا الشئ يدأب دأْبا ودأَبا إذا داوم عليه ، وهو حال من ضمير " تزرعون " أى قال يوسف للساقى : فارجع إلى قومك فقل لهم إن يوسف يأمركم أن تزرعوا أرضكم سبع سنين زراعة مستمرة على حسب عادتكم .

{ فَمَا حَصَدتُّمْ } من زرعكم في كل سنة ، فذروه في سنبله ، أى : فاتركوا الحب في سنبله ولا تخرجوه منها حتى لا يتعرض للتلف بسبب السوس أو ما يشبهه : إلا قليلا مما تأكلون ، أى : اتركوا الحب في سنبله فلا تخرجوه منها ، إلا شيئا قليلا منه فأخرجوه من السنابل لحاجتكم إليه في مأكلكم .

وفى هذه الجملة إرشاد لهم إلى أن من الواجب عليهم أن يقتصدوا في مأكولاتهم إلى أقصى حد ممكن لأن المصلحة تقتضى ذلك .

قال القرطبى : هذه الآية أصل في القول بالمصالح الشرعية التي هي حفظ الأديان والنفوس والعقول والأنساب والأموال ، فكل ما تضمن تحصيل شيئ من هذه الأمور فهو مصلحة ، وكلما يفوت شيئا منها فهو مفسدة ودفعه مصلحة ولا خلاف ، فإن مقصود الشرائع إرشاد الناس إلى مصالحهم الدنيوية ليحصل لهم التمكن من معرفة الله - تعالى - وعبادته الموصلتين إلى السعادة الأخروية ، ومراعاة ذلك فضل من الله - عز وجل - ورحمة رحم بها عباده . . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ تَزۡرَعُونَ سَبۡعَ سِنِينَ دَأَبٗا فَمَا حَصَدتُّمۡ فَذَرُوهُ فِي سُنۢبُلِهِۦٓ إِلَّا قَلِيلٗا مِّمَّا تَأۡكُلُونَ} (47)

{ قال تزرعون سبع سنين دأباً } أي على عادتكم المستمرة وانتصابه على الحال بمعنى دائبين ، أو المصدر بإضمار فعله أي تدأبون دأبا وتكون الجملة حالا . وقرأ حفص { دأبا } بفتح الهمزة وكلاهما مصدر دأب في العمل . وقيل { تزرعون } أمر أخرجه في صورة الخبر مبالغة لقوله : { فما حصدتم فذروه في سنبله } لئلا يأكله السوس ، وهو على الأول نصيحة خارجة عن العبارة . { إلا قليلا مما تأكلون } في تلك السنين .