السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ تَزۡرَعُونَ سَبۡعَ سِنِينَ دَأَبٗا فَمَا حَصَدتُّمۡ فَذَرُوهُ فِي سُنۢبُلِهِۦٓ إِلَّا قَلِيلٗا مِّمَّا تَأۡكُلُونَ} (47)

{ قال } يوسف عليه السلام معبراً لتلك الرؤيا : أمّا البقرات السمان والسنبلات الخضر فسبع سنين مخصبات ، وأمّا البقرات العجاف والسنبلات اليابسات فسبع سنين مجدبة فذلك قوله { تزرعون سبع سنين } وهو خبر بمعنى الأمر كقوله تعالى : { والمطلقات يتربصن } [ البقرة ، 228 ] { والوالدات يرضعن } [ البقرة ، 233 ] وإنما خرج الأمر في صورة الخبر للمبالغة في الإيجاب فيجعل كأنه وجد فهو يخبر عنه ، والدليل على كونه في معنى الأمر قوله : { فذروه في سنبله } وقوله : { دأباً } نصب على الحال ، أي : دائبين ، أي : سبع سنين متتابعة على عادتكم في الزراعة ، والدأب العادة ، وقيل : ازرعوا بجد واجتهاد ، وهذا تأويل السبع السمان والسنبلات الخضر . وقرأ حفص بفتح الهمزة ، وسكنها الباقون ، وأبدلها السوسي ألفا وقفاً ووصلاً ، وحمزة وقفاً فقط . { فما حصدتم فذروه } ، أي : اتركوه { في سنبله } لئلا يفسد ولا يقع فيه السوس ، وذلك أبقى له على طول الزمان { إلا قليلاً مما تأكلون } ، أي : ادرسوا قليلاً من الحنطة للأكل بقدر الحاجة .