قوله تعالى : { تَزْرَعُونَ } : ظاهرُه أن هذا إخبارٌ من يوسف عليه السلام بذلك . وقال الزمخشري : " تَزْرعون " خبر في معنى الأمر كقوله : { تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ } [ الصف : 11 ] وإنما يخرج الأمر في صورة الخبر للمبالغة في إيجاب المأمورِ المأمورَ به ، فَيُجعل كأنه وُجِد فهو يُخْبر عنه ، والدليل على كونه في معنى الأمر قوله : { فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ } . قال الشيخ : " ولا يدلُّ الأمرُ بتَرْكِه في سنبلِه على أنَّ " تزرعون " في معنى ازرعوا ، بل تَزْرعون إخبار غيبٍ ، وأمَّا " فَذَرُوه " فهو أمرُ إشارةٍ بما ينبغي أنْ يَفْعلوه " . قلت : هذا هو الظاهرُ ، ولا مَدْخَلَ لأمره لهم بالزِّراعة ؛ لأنهم يَزْرعون على عادتهم ، أَمَرَهم أو لم يأمرهم ، وإنما يحتاج إلى الأمر فيما لم يكن من عادة الإِنسان أن يفعلَه كتَرْكِه في سُنْبله .
قوله : { دَأَباً } قرأ حفص بفتح الهمزة ، والباقون بسكونها ، وهما لغتان في مصدر دَأَب يَدْأَبُ ، أي : داوَمَ على الشيء ولازَمَه . وهذا كما قالوا : ضَأْن وضَأَن ، ومَعْز ومَعَز بفتح العين وسكونها . وفي انتصابه أوجهٌ ، أحدها وهو قول سيبويه : أنه منصوبٌ بفعل مقدر تقديره تَدْأَبون . والثاني وهو قول أبي العباس : أنه منصوب بتزرعون لأنه من معناه ، فهو من باب " قَعَدْتُ القُرْفُصاء " . وفيه نظر لأنه ليس نوعاً خاصاً به بخلاف القرفصاء مع القعود . / والثالث : أنه واقعٌ موقع الحال فيكون فيه الأوجه المعروفة : إمَّا المبالغةُ ، وإمَّا وقوعُه موقعَ الصفة ، وإمَّا على حذف مضاف ، أي : دائِبين أو ذوي دأب ، أو جَعَلهم نفسَ الدَأَب مبالغة . وقد تقدَّم الكلامُ على " الدأب " في آل عمران عند قوله : { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ } [ الآية : 11 ] .
قوله : { فَمَا حَصَدتُّمْ } " ما " يجوز أن تكونَ شرطيةً أو موصولةً . وقرأ أبو عبد الرحمن " يأكلون " بالغَيْبة ، أي : الناس ، ويجوز أن يكونَ التفاتاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.