معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ} (53)

قوله تعالى :{ فتقطعوا أمرهم } دينهم ، { بينهم } أي : تفرقوا فصاروا فرقاً ، يهوداً ونصارى ومجوساً ، { زبراً } أي : فرقاً وقطعاً مختلفة ، واحدها زبور وهو الفرقة والطائفة ، ومثله الزبرة وجمعها زبر ، ومنه زبر الحديد أي : صاروا فرقاً كزبر الحديد . وقرأ بعض أهل الشام ( زبراً ) بفتح الباء ، قال قتادة و مجاهد : زبراً أي : كتباً ، يعني دان كل فريق بكتاب غير الكتاب الذي دان به الآخر . وقيل : جعلوا كتبهم قطعاً مختلفة ، آمنوا بالبعض ، وكفروا بالبعض ، وحرفوا البعض ، { كل حزب بما لديهم } أي : بما عندهم من الدين { فرحون } معجبون ومسرورون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ} (53)

{ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا } أي : تقطع المنتسبون إلى اتباع الأنبياء { أَمْرُهُمْ } أي : دينهم { بَيْنَهُمْ زُبُرًا } أي : قطعا { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ } أي : بما عندهم من العلم والدين { فَرِحُونَ } يزعمون أنهم المحقون ، وغيرهم على غير الحق ، مع أن المحق منهم ، من كان على طريق الرسل ، من أكل الطيبات ، والعمل الصالح ، وما عداهم فإنهم مبطلون .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ} (53)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك حال المصرين على كفرهم وضلالهم من دعوة الرسل عليهم - الصلاة والسلام - فقال : { فتقطعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ . . . } .

الفاء فى قوله - تعالى - : { فتقطعوا } لترتيب حالهم وما هم عليه من تفرق وتنازع واختلاف ، على ما سبق من أمرهم بالتقوى ، واتباع ما جاءهم به الرسل .

وضمير الجمع يعود إلى الأقوام السابقين الذين خالفوا رسلهم ، وتفرقوا شيعاً وأحزاباً .

وقوله { زُبُراً } حال من هذا الضمير . ومفرده زُبْرَة - كغرفة - بمعنى : قطعة . والمراد به هنا : طائفة من الناس . والمراد بأمرهم : أمر دينهم الذى هو واحد فى الأصل .

أى : أن هؤلاء الأقوام الذين جاء الرسل لهدايتهم ، لم يتبعوا دين رسلهم بل تفرقوا فى شأنه شيعاً وأحزاباً ، فمنهم أهل الكتاب الذين قال بعضهم : عزير ابن الله ، وقال بعضهم : المسيح ابن الله ، ومنهم المشركون الذين عبدوا من دون الله - تعالى - أصناماً لا تضر ولا تنفع ، وصار كل حزب من هؤلاء المعرضين عن الحق ، مسروراً بما هو عليه من باطل ، وفرحاً بما هو فيه من ضلال .

والآية القرآنية بأسلوبها البديع ، تسوق هذا التنازع من هؤلاء الجاهلين فى شأن الدين الواحد ، فى صورة حسية ، يرى المتدبر من خلالها ، أنهم تجاذبوه فيما بينهم ، حتى قطعوه فى أيديهم قطعاً ، ثم مضى كل فريق منهم بقطعته وهو فرح مسرور ، مع أنه - لو كان يعقل - لما انحدر إلى هذا الفعل القبيح ، ولما فرح بعمل شىء من شأنه أن يحزن له كل عاقل .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ} (53)

{ فتقطعوا أمرهم بينهم } فتقطعوا أمر دينهم جعلوه أديانا مختلفة ، أو فتفرقوا وتحزبوا وأمرهم منصوب بنزع الخافض أو التمييز ، والضمير لما دل عليه الأمة من أربابها أولها . { زبرا } قطعا جمع زبور الذي بمعنى الفرقة ويؤيده القراءة بفتح الباء فإنه جمع زبرة وهو حال من أمرهم أو من الواو ، أو مفعول ثان ل{ فتقطعوا } فإنه متضمن معنى جعل . وقيل كتبا من زبرت الكتاب فيكون مفعولا ثانيا ، أو حالا من أمرهم على تقدير مثل كتب ، وقرئ بتخفيف الباء كرسل في { رسل } . { كل حزب } من المتحزبين . { بما لديهم } من الدين . { فرحون } معجبون معتقدون أنهم على الحق .