تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ} (53)

51

53 - فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ .

فتقطعوا : أي : الأتباع قطعوا ومزقوا .

أمرهم : أمر دينهم .

زبرا : قطعا وأحزابا متخالفين ، كاليهود والنصارى وغيرهم ، جمع زبور .

بما لديهم : عندهم من الدين .

فرحون : مسرورون معجبون ، معتقدون أنهم على الحق ، كما هي حال قريش .

فتفرق أتباع الأنبياء فرقا وجماعات وأصبح كل فريق معجبا بنفسه ، فرحا بما عنده ، معتقدا أنه الحق الذي لا معدل عنه .

وزبرا . أي : قطعا ، جمع زبرة ، وهي القطعة . ويجوز أن يكون المعنى : أن أتباع الأنبياء فرقوا دينهم بعد أنبيائهم ، فآمنوا ببعض ما أنزل عليهم وكفروا بما سواه ، اتباعا لأهوائهم ، أو أنهم وضعوا كتبا وألفوها ونسبوا تلك الضلالات إلى الله .

وقيل : إنهم فرقوا بين الكتب المنزلة ، فأخذ كل منهم كتابا آمن به وكفر بما سواه .

كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ .

كل جماعة أو هيئة أخذت قطعة أو جانبا أو مزقة من الدين ، ومضت بالمزقة أو القطعة التي خرجت في يدها لا تفكر في شيء ، ولا تلتفت إلى شيء ، مضت وأغلقت جميع المنافذ ، وسدت كل نسمة طليقة ، وكل فكر أو رأي أو نصيحة أو حوار رشيد .

فيا أتباع الأديان ، أما آن الأوان في الاجتماع على كلمة سواء ، ما دام أصل الدين واحدا ، وأساسه واحدا ، وهو الإيمان بالله ربا واتباع هدايات السماء ؛ ويا أتباع محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، أما آن الأوان إلى التلاقي على جوهر الإسلام وحقائقه ، وسماحته وأصوله العامة ، والعودة به إلى منابعه الصافية ، واجتهادات الأئمة المشهود لهم بالعلم والرأي والإخلاص والاجتهاد المقبول ، والفتيا بما يتوافق مع أصول الدين ومصالح العباد المعتبرة .