إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ} (53)

{ فَتَقَطَّعُواْ أَمْرَهُمْ } حكايةٌ لما ظهرَ من أممِ الرُّسلِ بعدَهم من مخالفةِ الأمرِ وشقِّ العَصَا . والضَّميرُ لما دلَّ عليه الأمةُ من أربابِها أو لها على التَّفسيرينِ والفاء لترتيبِ عصيانِهم على الأمرِ لزيادةِ تقبيحِ حالِهم أي تقطَّعوا أمرَ دينِهم مع اتِّحادِه وجعلُوه قِطعاً متفرِّقةً وأدياناً مُختلفةً { بَيْنَهُمْ زُبُراً } أي قطعاً جمعُ زَبُورٍ بمعنى الفُرقةِ ويؤيِّدُه قراءةُ زُبَراً بفتحِ الباءِ جمعُ زَبرةٍ وهو حالٌ من أمرَهم أو مِن واوِ تقطَّعوا ، أو مفعولٌ ثانٍ له فإنَّه متضمِّنٌ لمعنى جعلُوا وقيل : كُتُباً فيكون مفعولاً ثانياً ، أو حالاً من أمرَهم عَلَى تقدير المضافِ أي مثل زُبُرٍ . وقرئ بتخفيفِ الباءِ كرُسْلٍ في رُسُلٍ { كُلُّ حِزْبٍ } من أولئك المتحزِّبين { بِمَا لَدَيْهِمْ } من الدِّين الذي اختارُوه { فَرِحُونَ } مُعجَبون مُعتقِدون أنَّه الحقُّ .