فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ} (53)

{ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ { 53 ) }

{ فتقطعوا } فتفرقوا .

{ أمرهم } دينهم .

{ زبرا } كتبا .

ربنا الكبير المتعال دعا الناس إلى دين بعث به رسله لا تختلف أصوله باختلاف الأزمان : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تفرقوا فيه . . ){[2347]} فافترقت الأمم وقد أمروا بالاجتماع وجعلوا دينهم أديانا [ فتفرق الذين أمرهم الله بلزوم دينه من الأمم دينهم بينهم كتبا ؛ كل فريق بما اختاروه لأنفسهم من الدين والكتب فرحون معجبون به لا يرون أن الحق سواه ]{[2348]} .

يقول القرطبي : هذه الآية تنظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم : " ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة " . . الحديث . أخرجه أبو داود . ورواه الترمذي وزاد : قالوا : ومن هي يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي " أخرجه من حديث عبد الله بن عمرو ؛ وهذا يبين أن الافتراق المحذر منه في الآية والحديث إنما هو في أصول الدين وقواعده ، لأنه قد أطلق عليها مللا ؛ وأخبر أن التمسك بشيء من تلك الملل موجب لدخول النار ؛ ومثل هذا لا يقال في الفروع ، فإنه لا يوجب تعديد الملل ولا عذاب النار ؛ قال الله تعالى : { . . لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا . . ){[2349]} ؛ { زبرا } يعني كتبا وضعوها وضلالات ألفوها ؛ قال ابن زيد ؛ وقيل : إنهم فرقوا الكتب فاتبعت فرقة الصحف وفرقة التوراة وفرقة الزبور وفرقة الإنجيل ، ثم حرف الكل وبدل ؛ قاله قتادة . . اه .


[2347]:سورة الشورى. من الآية 14.
[2348]:ما بين العلامتين [ ] مما أورد الطبري.
[2349]:من سورة المائدة. من الآية 48.