معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعٖ مِّنَ ٱلَّيۡلِ وَٱتَّبِعۡ أَدۡبَٰرَهُمۡ وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٞ وَٱمۡضُواْ حَيۡثُ تُؤۡمَرُونَ} (65)

قوله تعالى : { فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم } ، أي : سر خلفهم ، { ولا يلتفت منكم أحد } ، حتى لا يرتاعوا من العذاب إذا نزل بقومهم . وقيل جعل الله ذلك علامة لمن ينجو من آل لوط . { وامضوا حيث تؤمرون } ، قال ابن عباس : يعني الشام ، وقال مقاتل : يعني زغر . وقيل : الأردن .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعٖ مِّنَ ٱلَّيۡلِ وَٱتَّبِعۡ أَدۡبَٰرَهُمۡ وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٞ وَٱمۡضُواْ حَيۡثُ تُؤۡمَرُونَ} (65)

{ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ } أي : في أثنائه حين تنام العيون ولا يدري أحد عن مسراك ، { وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ } أي : بادروا وأسرعوا ، { وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } كأن معهم دليلا يدلهم إلى أين يتوجهون

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعٖ مِّنَ ٱلَّيۡلِ وَٱتَّبِعۡ أَدۡبَٰرَهُمۡ وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٞ وَٱمۡضُواْ حَيۡثُ تُؤۡمَرُونَ} (65)

{ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ الليل واتبع أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وامضوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } .

قال القرطبى : قوله { فأسر . . } قرئ فاسر وقرئ فأسر ، بوصل الهمزة وقطعها لغتان فصيحتان . قال - تعالى - { والليل إِذَا يَسْرِ . . } وقال : { سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً . . } وقيل : فأسر تقال لمن سار من أول الليل . . وسرى لمن سار في آخره ، ولا يقال في النهار إلا سار .

وقوله { بِقِطْعٍ مِّنَ الليل . . } أى : بجزء من الليل . والمراد به الجزء الأخير منه .

أى : قال الملائكة للوط - عليه السلام - بعد أن أزالوا خوفه منه : يا لوط إنا نأمرك - بإذن الله تعالى - أن تخرج من هذه المدينة التي تسكنها مع قومك وأن يخرج معك أتباعك المؤمنون ، وليكن خروجكم في الجزء الأخير من الليل .

وقوله { واتبع أدبارهم } أى : وكن وراءهم لتطلع عليهم وعلى أحوالهم .

قال الإِمام ابن كثير : يذكر الله - تعالى - عن الملائكة أنهم أمروا لوطا أن يسرى بأهله بعد مضى جانب من الليل ، وأن يكون لوط - عليه السلام - يمشى وراءهم ليكون أحفظ لهم .

وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى في الغزاة يزجى الضعيف ، ويحمل المنقطع .

وقوله { وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ } أى : ولا يلتفت منكم أحد أيها المؤمنون - خلفه ، حتى لا يرى العذاب المروع النازل بالمجرمين .

وإنما أمرهم - سبحانه - بعدم الالتفات إلى الخلف ، لأن من عادة التارك لوطنه ، أن يلتفت إليه عند مغادرته ، كأنه يودعه .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت ما معنى أمره باتباع أدبارهم ونهيهم عن الالتفات ؟

قلت : قد بعث الله الهلاك على قوم لوط ، ونجاه وأهله إجابة لدعوته عليهم وخرج مهاجرا فلم يكن له بد من الاجتهاد في شكر الله ، وإدامة ذكره وتفريغ باله لذلك ، فأمر بأن يقدِّمهم لئلا يشتغل بمن خلفه قلبه ، وليكون مطلعًا عليهم وعلى أحوالهم ، فلا تفرط منهم التفاتة احتشاما منه ولا غيرها من الهفوات في تلك الحال المهولة المحذورة ، ولئلا يتخلف منهم أحد لغرض له فيصيبه العذاب ، وليكون مسيره مسير الهارب الذي يقدم سربه ويفوت به .

ونهوا عن الالتفات لئلا يروا ما ينزل بقومهم من العذاب فيرقوا له ، وليوطنوا نفوسهم على المهاجرة ، ويمضوا قدماً غير ملتفتين إلى ما وراءهم ، كالذى يتحسر على مفارقة وطنه . . .

أو جعل النهى عن الالتفات ، كناية عن مواصلة السير ، وترك التوانى والتوقف ، لأن من يتلفت لابد له في ذلك من أدنى وقفة .

وقوله { وامضوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } إرشاد من الملائكة للوط - عليه السلام - إلى الجهة التي أمره الله - تعالى - بالتوجه إليها .

أى : وامضوا في سيركم إلى الجهة التي أمركم الله - تعالى - بالسير إليها ، مبتعدين عن ديار القوم المجرمين ، تصحبكم رعاية الله وحمايته .

قيل : أمروا بالتوجه إلى بلاد الشام ، وقيل إلى الأردن ، وقيل إلى مصر .

ولم يرد حديث صحيح يحدد الجهة التي أمروا بالتوجه إليها ، ولكن الذي نعتقده أنهم ذهبوا بأمر الله - تعالى - إلى مكان آخر ، أهله لم يعملوا ما كان يعمله العادون من قوم لوط - عليه السلام - .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعٖ مِّنَ ٱلَّيۡلِ وَٱتَّبِعۡ أَدۡبَٰرَهُمۡ وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٞ وَٱمۡضُواْ حَيۡثُ تُؤۡمَرُونَ} (65)

يذكر تعالى عن الملائكة أنهم أمروه أن يَسري بأهله بعد مضي جانب من الليل ، وأن يكون لوط ، عليه السلام ، يمشي وراءهم ، ليكون أحفظ لهم .

وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي في الغَزاة بما كان يكون{[16201]} ساقة ، يُزجي الضعيف ، ويحمل المنقطع{[16202]}

وقوله : { وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ } أي : إذا سمعتم الصيحة بالقوم فلا تلتفتوا إليهم ، وذروهم فيما حل بهم من العذاب والنكال { وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } كأنه كان معهم من يهديهم السبيل .


[16201]:في ت: "في الغزو إنما كان"، وفي أ: "في الغزو وإنما يكون".
[16202]:رواه أبو داود في السنن برقم (2639) من حديث جابر ولفظه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلف في المسير، فيزجي الضعيف، ويردف، ويدعو لهم".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعٖ مِّنَ ٱلَّيۡلِ وَٱتَّبِعۡ أَدۡبَٰرَهُمۡ وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٞ وَٱمۡضُواْ حَيۡثُ تُؤۡمَرُونَ} (65)

حيث { تؤمرون } أي حيث تؤمرون بالمضي . ولم يبينوا له المكان الذي يقصده إلا وقت الخروج ، وهو مدينة عمورية ، كما تقدم في سورة هود .