وقوله تعالى : { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ } شروعٌ في ترتيب مبادي النجاةِ ، أي اذهبْ بهم في الليل ، وقرئ بالوصل وكلاهما من السرى وهو السيرُ في الليل ، وقرئ فسِرْ من السير { بِقِطْعٍ مّنَ الليل } بطائفة منه أو من آخره قال : [ الخفيف ]
فتحي الباب وانظُري في النجوم *** كم علينا من قِطْع ليلٍ بهيم{[478]}
وقيل : هو بعد ما مضى منه شيءٌ صالح { واتبع أدبارهم } وكن على أثرهم تذودُهم وتسرع بهم وتطّلع على أحوالهم ، ولعل إيثارَ الإتباع على السَّوْق مع أنه المقصودُ بالأمر للمبالغة في ذلك ، إذ السَّوْقُ ربما يكون بالتقدم على بعض مع التأخر عن بعض ويلزَمه عادةً الغفلةُ عن حال المتأخر ، والالتفاتُ المنهيُّ عنه بقوله تعالى : { وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ } أي منك ومنهم { أَحَدٌ } فيرى ما وراءه من الهول فلا يطيقه ، أو يصيبه ما أصابهم ، أو ولا ينصرفْ منكم أحدٌ ولا يتخلفْ لغرض فيصيبه العذاب ، وقيل : نُهوا عن ذلك ليوطنوا أنفسهم على المهاجرة ، أو هو نهي عن ربط القلب بما خلّفوه ، أو هو للإسراع في السير فإن الملتفتَ قلما يخلو عن أدنى وقفة ، وعدمُ ذكر استثناء المرأةِ من الإسراء والالتفات لا يستدعي عدم وقوعِه ، فإن ذلك لما عرفت مراراً للاكتفاء بما ذكر في مواضعَ أخَرَ { وامضوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } إلى حيث أمركم الله تعالى بالمُضيّ إليه وهو الشام أو مصر ، وحذفُ الصلتين على الاتساع المشهور ، وإيثارُ المضيِّ إلى ما ذكر على الوصول إليه واللُّحوق به للإيذان بأهمية النجاةِ ولمراعاة المناسبةِ بينه وبين ما سلف من الغابرين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.